كشف التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس في حي الدويلعة، عن حالة التضامن الواسعة بين السوريين الذين يوحدهم الألم مثلما وحدهم النصر، بعد أن أعلنت وزارة الصحة رفع الجاهزية الكاملة في المستشفيات ومنظومة الإسعاف ومؤسسة بنوك الدم.
وسارعت الكوادر الطبية إلى تنفيذ خطة طوارئ موسعة شملت تجهيز غرف عمليات واستقبال المصابين وتوفير وحدات الدم اللازمة، وهدفت وزارة الصحة من هذه الإجراءات إلى ضمان سرعة الاستجابة الإسعافية.
استجابة بنوك الدم
وفي هذا الصدد، سجلت المؤسسة العامة لبنوك الدم إقبالاً كبيراً من المواطنين، إذ جمعت المؤسسة السورية لبنوك الدم والتي تمتلك 36 مركزاً في كل المحافظات، 711 وحدة دم من بنك دم المزة في دمشق فقط، حسبما ذكر مدير المؤسسة الدكتور مصطفى الجازي لموقع الإخبارية.
ودعا الجازي المواطنين إلى الاستمرار في التبرع بالدم باعتباره واجباً إنسانياً لا بدّ من تلبيته في مثل هذه الظروف الطارئة، مؤكداً أنّ المراكز الرئيسة والفرعية في المحافظات كافة، تعمل على تلبية حاجة المستشفيات بشكل عادل وفعال.
وأعرب مدير المؤسسة السورية لبنوك الدم عن تضامنه مع ضحايا الهجوم الذي استهدف كنيسة مار الياس يوم الأحد الفائت، مشيراً إلى أنّ عدد الشهداء بلغ 25 شهيداً و63 مصاباً، وهي حصيلة قابلة للتحديث حسب تطورات الحالة الصحية للمصابين.
استجابة منظمات المجتمع المدني
أطلقت منظومة وطن بالشراكة مع وزارة الصحة، حملة تبرع بالدم في ساحة الأمويين بدمشق كاستجابة عاجلة لحاجة الجرحى.
وأوضح المنسق الإعلامي للحملة بلال موسى لموقع الإخبارية، أن “المبادرة جاءت كنداء للحياة في وجه الموت، وحملت رسالة أمل من السوريين إلى ضحايا العنف”.
وأضاف موسى أن “كل قطرة دم تبرع بها أي شخص، تحمل فرصة لإنقاذ حياة شخص آخر”، مشدداً على أن السوريين يردّون على العنف بالتضامن والعمل الإنساني، لافتاً إلى أن المبادرة تعكس مدى تكاتف أبناء المجتمع السوري وقدرتهم على تجاوز المحن والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الكوارث.
متابعة رسمية وحكومية
زار وفد حكومي جرحى التفجير الذين يتلقون العلاج في المشفى الفرنسي للاطمئنان على أوضاعهم الصحية وتقديم الدعم المعنوي، تأكيداً على المتابعة الرسمية لحالة المصابين وتقديراً لصمودهم وشملت الزيارة لقاءات مع ذوي المصابين.
وتعكس الزيارة حرص الحكومة على الوقوف إلى جانب المتضررين، وتقديرها لتضحيات الكوادر الطبية التي عملت على إنقاذ الجرحى منذ اللحظات الأولى للتفجير.
تفاعل مجتمعي
وجسّدت الساعات الأولى بعد التفجير تفاعلاً حكومياً واسعاً، وشهد حالة استنفار من جانب وزارة الصحة ومحافظة دمشق، إلى جانب تفاعل مدني تمثل في طوابير التبرع بالدم ومبادرات مجتمعية فورية.
وتدفقت أعداد كبيرة من المواطنين إلى مراكز التبرع والميادين العامة، وعبّر المتبرعون عن التزامهم الأخلاقي تجاه الضحايا والجرحى.
وانطلقت خلال اليومين الماضيين مبادرات من مختلف شرائح المجتمع، من طلاب وأطباء وعائلات ونشطاء حقوقيين وإعلاميين، وجاءت كاستجابة عملية على الألم الجماعي.
وتؤكّد حالة التجاوب مع الهجوم على كنيسة مار الياس خلال قدّاس الأحد الفائت قدرة السوريين على تحويل لحظات الانكسار إلى مساحات للعمل الإنساني والمجتمعي، وتجديد الروح الوطنية في وجه الإرهاب.