تتنامى التوقعات لدى الخبراء بتحسن الاقتصاد المحلي في ظل الزيارة التاريخية للسيد الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتوازي مع رغبة الولايات المتحدة في مساعدة سوريا على تحقيق الاستقرار والازدهار وفق رؤية أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب.
وتتعزز هذه الآمال مدفوعة برفع العقوبات الأمريكية وإعادة اندماج سوريا بالنظام العالمي والارتباط بنظام سويفت وإدخال أنظمة دفع إلكترونية جديدة بعد توقيع مذكرة تفاهم مع شركة ماستركارد، إلى جانب التعاون مع البنك وصندوق النقد الدوليين.
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الاقتصاد السياسي محمد الموسى، أن زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة تشكل منعطفاً اقتصادياً مهماً، كونها المرة الأولى التي تُطرح فيها سوريا كوجهة استثمارية أمام الشركات والمستثمرين الأمريكيين.
وحول الفوائد والثمار المتوقعة للزيارة، يوضح الموسى في حديث خاص لموقع “الإخبارية” أن الزيارة ستتيح للشركات الأمريكية والعاملة في الولايات المتحدة الاطلاع المباشر على الفرص المتاحة في سوريا، إلى جانب فتح قنوات تواصل مع الحكومة السورية والقيادة السياسية.
ويشير إلى أن الجالية السورية والعربية في الولايات المتحدة ستكون قادرة عبر هذه الزيارة على التعرف إلى احتياجات سوريا الاقتصادية العاجلة، بما يمكّنها من المساهمة في المشاريع الاستثمارية المقبلة.
وأكد الموسى أن مشاركة الرئيس الشرع في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستُبرز خطط النمو والتنمية الاقتصادية، وتؤكد أن سوريا دولة تسعى للاستقرار والتعاون الدولي.
وقال الباحث إن أي ملف تفاوض سياسي ستكون له تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، فحين تتمكّن دولة ما من حلّ قضاياها السياسية، ينعكس ذلك على نموّها الاقتصادي ويجعلها أكثر جذباً للمستثمرين.
وأوضح الموسى أنه في الاقتصاد السياسي يسهم تصفير المشكلات مع الدول، عموماً في تعزيز الاقتصاد الوطني، ويدعم التنافسية الاقتصادية، ويزيد من قدرة البلاد على استقطاب الاستثمارات، لافتاً إلى أنّ المستثمرين يفضلون التوجه إلى دول ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية متوازنة مع العالم وليست في حالة توتر دائم.
وتوقع الموسى أن تأثير أي اتفاق سياسي سيكون تدريجياً وليس مباشراً، لأن المستثمرين يراقبون بدقة مدى ثبات هذه الاتفاقيات واستقرارها، والتأكد من عدم عودة التوترات السياسية مجدداً.
ويشرح الباحث وجهة نظره بأنّ مثل هذه الزيارات السياسية والتفاهمات المرتبطة بها تُسهم في تعزيز الثقة الاقتصادية، إذ يتابع المستثمرون الأجانب نتائجها بدقة، معتبرين أن تحسّن المناخ السياسي ينعكس بصورة مباشرة على تحسّن الوضع الاقتصادي.
وفيما يتعلق بالتأثير المباشر للتحركات السياسية على الاقتصاد المحلي، يعتقد المحلل الاقتصادي خالد تركاوي أن أهم نتيجة ملموسة لهذه الزيارة هي رفع العقوبات، وخاصة “قانون قيصر”.
وتشكل مسألة إعادة الإعمار نقطة جوهرية في السياسة الخارجية السورية لكونها تتطلب مشاركة على المستوى الدولي نظراً لحجم الدمار الهائل في البنى التحتية والخدمات الأساسية، لذا يربط تركاوي بين الزيارة وفتح الأبواب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية، حيث سيعيد هذا التحول الحياة للقطاع المالي ويخفف من الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري منذ سنوات.
بدوره، تحدث مدير مكتب العلاقات العامة في نقابة الاقتصاديين السوريين محمد رعدون عن التوقعات الاقتصادية من هذه الزيارة بخصوص إعادة الإعمار، حيث يتصور أنها مناقشات تمهيدية مثل قوائم مشاريع مرشحة والتواصل مع صناديق مانحة وشركات، في حين أن التنفيذ الفعلي لمشاريع إعمار واسعة يحتاج وقتاً وإزالة العقبات القانونية والمالية.
وحول فتح قنوات الاستثمار الدولي، يبين رعدون أن اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف تسمح بعرض خرائط المشاريع، بما يتيح للجهات المانحة والمؤسسات الدولية تقييم الواقع في سوريا.
وينوه إلى أن التقدم السياسي سينعكس على الاقتصاد بشكل تدريجي غالباً، إلا أن ثمة بعض الانعكاسات السريعة الممكنة خاصة في مجال استثناء المشروعات الإنسانية، بينما تتوقف الاستثمارات الكبيرة على آليات حماية قانونية وبيئة مستقرة.
ويفترض رعدون أن الفرص كبيرة نظرياً أمام دخول الشركات الأمريكية والأوروبية في قطاعات متعددة مثل الطاقة والنقل والمياه والكهرباء والموانئ، لكن عملياً تعتمد الفرص على رفع القيود القانونية، والإصلاح في إطار الحوكمة، مرجحاً الدخول عبر شراكات محلية ومشروعات مرحلية ثم يتوسع لاحقاً.