السبت 12 ذو القعدة 1446 هـ – 10 مايو 2025
دمشق
Weather
°32.6

في حديث للإخبارية .. الرواية الحقيقية وشهادات المقربين حول اختطاف فتاة

الرواية الحقيقية وشهادات المقربين حول اختطاف فتاة

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بروايات تتحدث عن “اختطاف فتاة من ريف حمص وتزويجها قسرًا”، ليتضح بعد ساعات من استغلال المنشورات المضلَلة أنّ الحقيقة مختلفة تماما.

ميرا جلال ثابت، الفتاة التي جرى الحديث حول أنها اختطفت بظروف غامضة قبل نحو أسبوعين، وعاد الحديث عنها بشكل أوسع على أنه جرى تزويجها بشكل قسري لشخص لا تعرفه، أدلت بشهادتها على الملأ، ونفت كل الشائعات المتداولة، مؤكدة أنها اختارت طريقها بنفسها بالابتعاد عن عائلتها والزواج من أحمد الذي تربطها بها علاقة حب منذ سنوات.

 

الإخبارية تستمع لرواية الفتاة

قبل خروج ميرا أمام وسائل الإعلام، نفى كلٌ من والدها والمحامي الموكل متابعة القضية تعرض ميرا للاختطاف أو التغييب القسري أو حتى الزواج القسري، مشيرين إلى أنها اختارت تزويج نفسها لشاب كانت قد رفضته العائلة من قبل.

وأجرى الصحفي السوري عمر منيب إدلبي لقاء خاصا مع ميرا وزوجها أحمد وسط شارع “الدروبي” في مدينة حمص، لتروي القصة كما حصلت، لا كما تداولتها حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووجهت ميرا رسالة إلى متداولي قصتها خلال اللقاء مع “إدلبي” قالت فيها: “بداية أطلب من كل من يتداول قصتي أن يجد عملا ما يشغل به نفسه عني”.

وتابعت: “أهلي كانوا يمنعونني من الذهاب للمعهد والدراسة، وذلك بحجة الأوضاع الأمنية، وأنا قمت بالادعاء بأن لدي امتحانا في المعهد وعلي الحضور، فذهب مع أبي وإحدى صديقاتي للمعهد ولم يكن معي هاتفي النقال الذي صادره والدي، واتصلت بأحمد من هاتف صديقتي لأرتب للقاء معه”.

وأكدت ميرا خلال المقابلة أنها غادرت منزل عائلتها بإرادتها، ولم يجبرها أحد على أي شيء.

 

ضغوط العائلة قلّصت خيارات الفتاة
وخلال حديثها أيضا لموقع القناة الإخبارية، قدمت ميرا شهادتها من الألف إلى الياء، وقالت إنَ عائلتها اكتشفت قبل مدة علاقتها مع أحمد، ما وضعها تحت ضغوط عدة من ذويها الذين رفضوا فكرة ارتباطها من أحمد، مضيفةً “تعرضت لضغط كبير وتعنيف، وقررت وقتها ترك المنزل، ثم ذهبت بدايةً إلى المعهد، وهناك التقيت أحمد الذي كنت على علاقة عاطفية معه وأخبرته بأنني أمام خيارين، إما الذهاب والزواج منه، أو العودة للمنزل وتأسيس حياة جديدة كما ترغب عائلتي”.
ولجأ الشابان للخيار الأول الذي طرحته ميرا، إذ قاما بعقد قران شرعي لدى أحد شيوخ الدين، قبل التوجه إلى منزل عائلة أحمد في حمص التي استقبلتها بحفاوة وأصرت على عقد صلحة بين العائلتين لمباركة زواجها من أحمد.

ووكلت الفتاة محاميا بتاريخ 29 نيسان لتثبيت الزواج رسميا، وبعد تثبيت العقد، توجها إلى إدلب لبعض الوقت تحسباً لأي مضايقات من عائلتها أو أطراف أخرى.

وتابعت: “وصلتنا الشائعات المتداولة حولي، لكني كنت بإرادتي الكاملة، أحمد -زوجي- طلب مني التواصل مع أهلي، وكنت أرفض، لاحقا علمنا أن والدي رفع دعوى خطف، فعدنا إلى حمص، وتوجهنا للمحامي والشرطة وأدلينا بإفاداتنا ليتم الصلح بيني وبين عائلتي وأسقط والدي الدعوى.”

وحول الملابس التي ترتديها ميرا وما أثارته من ضجة على مواقع التواصل، حيث كانت قبل زواجها لا ترتدي الحجاب، والآن هي ترتدي زيا إسلاميا كاملا، قالت ميرا: “أحمد لم يجبرني على لبس الحجاب أو تغيير أي شيء من قناعاتي، ولكن عندما جلست مع أهله ورأيت عاداتهم وتقاليدهم ولباسهم الذي أعجبت به، وعليه قررت ارتداء الحجاب وتغيير طريقة ارتداء ملابسي”.

 

الزواج شرعي وقانوني

المحامي المكلّف القضية أوضح للإخبارية، أنه التقى والد الفتاة يوم 27 نيسان بعد اختفائها، وبدأ فورا بالتنسيق مع قسم شرطة الحميدية والأمن العام لمتابعة الحالة.

وقال المحامي: “بعد الاطلاع على المحادثات والرسائل، استبعدنا بشكل قاطع فرضية الخطف، ليتبين لاحقا أن الفتاة متزوجة شرعيا من الشاب، ونعمل حاليا على إجراءات تثبيت الزواج قانونيا.”

 

والد الفتاة: تصالحنا وأسقطت الدعوى

جلال ثابت، والد الفتاة، قال في تصريح مقتضب للإخبارية: “ابنتي اختفت، ولم أعلم أين ذهبت، بعد تنسيقنا مع المحامي والجهات الأمنية، أكدوا لي أنها بخير، ومع شاب تُحبه والحمد لله تواصلنا وتمّت الصلحة، وأسقطت الدعوى.”

 

علاقة حب انتهت بزواج الشابين

أحمد، زوج ميرا، أكد أن العلاقة بينه وبين الفتاة كانت قائمة منذ مدة تتجاوز العامين، لكنه لم يكن على علم بأنها ستأتي إليه بذلك الشكل المفاجئ.

وتحدث أحمد لموقع القناة الإخبارية عما جرى بينه وبين ميرا في يوم غيابها عن منزل عائلتها: “أخبرتني ميرا بالضغوط التي تمارسها عائلتها عليها بسبب العلاقة بيننا، فقررت الزواج بها لحمايتها، لم أتمكن من التواصل مع والدها حينها بسبب التوتر الحاصل، اليوم، الحمد لله الأمور توضحت وتصالحت مع عائلتها.”

وأضاف “قصتي أنا وميرا جرت ضمن مفهوم الإرادة الحرة، بعيدا عن أي تهديدات أو سلاح أو أي شيء آخر تناقله الناس”.

وتابع: “بداية أريد التأكيد، أنا لست عنصر أمن ولست عنصراً من تنظيم، أنا من سكان حمص ولكن أصولي من إدلب، وأنا مقيم في حمص مع عائلتي قبل اندلاع الثورة السورية وقبل تهجيرنا من النظام البائد، وأدرس في المعهد الفندقي السياحي، وتعرفت على ميرا وبدأت بيننا قصة حب”.

وأردف: “حاولت ثلاث مرات أن أطلبها من والدها لكنه قابلني بالرفض، وكذلك كانت عائلتي رافضة للأمر”.

وأكد احمد أنه الآن يعمل على مقاضاة كل من تعدى عليه أو على زوجته بأي معلومات مضللة أو كاذبة.

 

قضية ميرا بعيون القانون السوري

وعلق المحامي والحقوقي ساطع ياسين على القضية بالقول “من وجهة نظر قانونية فإنّ صحة عقد الزواج من دون ولي نص عليها القانون رقم 4 لعام 2019، الخاص بتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية السوري، إذ يمكن للمرأة ان تتزوج من دون ولي وفقا للشروط المتعلقة بسن الرشد والكفاءة ومهر المثل و دعوة الولي إلى المحكمة و في حال كان الاعتراض غير مبرر او لم يتم الاعتراض خلال 15 يوم يوافق القاضي على الزواج”.

تُظهر هذه القضية أهمية التعامل مع الوقائع القانونية والمعطيات الموثقة قبل إصدار الأحكام أو نشر معلومات غير مؤكدة، كما أثبتت التحقيقات والشهادات عدم وجود حالة خطف، وتم تثبيت الزواج بإجراءات قانونية واضحة، وأسفرت الجهود الأمنية والقانونية عن تسوية الخلاف بين الأطراف المعنية.

وتعكس هذه الحادثة الحاجة إلى ضبط تداول المعلومات على المنصات الاجتماعية، والاعتماد على البيانات الرسمية والجهات المختصة لتجنّب تضليل الرأي العام والتأثير على سير العدالة.