الأحد 26 ذو الحجة 1446 هـ – 22 حزيران 2025
دمشق
Weather
°29.5

وسيم الأسد.. من زعيم ميليشيا محلية وأحد أبرز تجار المخدرات إلى قبضة العدالة

wasem-al-asad.jpg

أعلنت وزارة الداخلية، صباح يوم السبت 21 حزيران 2025، إلقاء القبض على وسيم بديع الأسد، أحد أبرز الشخصيات من عائلة الأسد المخلوع، وذلك ضمن عملية أمنية محكمة نفذها جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع وحدات من الوزارة.

وحسب بيان وزارة الداخلية فإنّ وسيم الأسد استُدرج بعملية استخباراتية واعتُقل في كمين أمني، كجزء من حملة ملاحقة المتورطين بجرائم خلال فترة حكم النظام البائد.

وأوضحت الوزارة أن “العملية نفذت بواسطة إحدى فرق إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، وذلك من خلال كمين مُحكم أسفر عن القبض عليه بنجاح”.

وأشار وزير الإعلام حمزة المصطفى في تغريدة عبر منصة “X”، إلى أن وسيم الأسد شكّل طوال سنوات ما قبل التحرير مادة إعلامية شبه يومية، وظّفت كدليل عيني على انحطاط النظام البائد، وتعمّده إذلال المواطنين وتجاهل معاناتهم.

تاريخ حافل بالجرائم

برز اسم وسيم بديع الأسد خلال السنوات الأولى من الثورة السورية كواحد من أبرز قادة الميليشيات الرديفة لجيش النظام البائد، إذ لعب دوراً مباشراً في تثبيت قبضة النظام على العديد من المناطق السورية عبر الترهيب والقمع.

وأسس وسيم ميليشيا محلية تحت اسم “درع الأمن العسكري” التي عُرفت لاحقاً بـ”درع الأسد”، ونفذت عمليات اعتقال وقمع واسعة النطاق، واستهدفت النشطاء المدنيين والمحتجين، وارتبط اسمها بحوادث قتل وخطف وعمليات ابتزاز وسرقة، إلى جانب مشاركتها العسكرية مع قوت النظام البائد في حربه على الشعب السوري في عدة محافظات.

ولم يُخفِ علاقاته المشبوهة مع تجار مخدرات من دول مجاورة، وقد ظهر عدة مرات في صور مع نوح زعيتر الملقّب بـ”بارون المخدرات”، معلناً ما يشبه التحالف العلني بين شبكات الاتجار بالمخدرات السورية واللبنانية.

بدوره أعلن وزير الداخلية أنس خطاب، السبت 21 حزيران، أن الوزارة لن تتهاون في ملاحقة رموز الانتهاكات ضد الشعب السوري.

وأكد خطاب في تغريدة عبر منصة “X”، التزام الحكومة بإخضاع المجرمين لمحاكمات عادلة، في إطار جهود ترسيخ مبادئ العدالة الانتقالية وبناء دولة القانون.

وسيم تحت العقوبات الدولية

أدرجت وزارة الخزانة الأميركية في العام 2023 اسم وسيم بديع الأسد على لائحة العقوبات بموجب قانون “قيصر”، للعبه دور أساسي في تمويل النظام البائد من خلال تهريب الكبتاغون وتجارة المخدرات الإقليمية.

وأدرجه الاتحاد الأوروبي على قائمة العقوبات ذاتها، إلى جانب أفراد آخرين من آل الأسد، لمشاركته الفعالة في شبكات منظمة لتصنيع وتصدير المخدرات والقيام بأنشطة غير قانونية وإجرامية، وتبييض الأموال العابرة للحدود.

وذكرت تقارير دولية أن وسيم الأسد كان يشرف على عمليات نقل الكبتاغون من معامل التصنيع في سوريا إلى الحدود اللبنانية، وكذلك إلى الخليج العربي وأوروبا، تحت حماية شبكات أمنية تابعة للنظام البائد.

ظهوره الإعلامي

عُرِف وسيم الأسد بنمط حياةٍ استعراضي، إذ اعتاد نشر صور عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي تظهر سياراته الفاخرة وشققه الفارهة في اللاذقية وطرطوس ودمشق.

ولم يتردد في استخدام نفوذه لفرض سيطرة على مرافق اقتصادية في الساحل السوري، مثل مرافئ الصيد والورش الصناعية، كما تمتع بغطاء سياسي وأمني مكّنه من التوسع في أنشطته غير الشرعية دون مساءلة.

وظهر وسيم في مقطع فيديو وهو يدعو إلى سحب الجنسية السورية من معارضي ابن عمه بشار الأسد، في مشهد اعتبره مراقبون تجسيداً للعقلية الإقصائية التي حكمت البلاد لعقود.

محاولته الأخيرة لدعم ابن عمه

مع تقدم فصائل الثورة في عملية “ردع العدوان إلى محيط مدينة حماه مطلع كانون الأول 2024 أعلن وسيم الأسد عبر فيسبوك تشكيل “مجموعات إسناد وحماية خاصة”.

وحاول وسيم عبر هذه المجموعات إثبات وجوده الميداني كقوة أمنية رديفة، ودعا أنصاره من “أبناء الساحل المخلصين” إلى الانضمام لمجموعاته، متوعداً بدفع رواتب للمقاتلين تصل إلى 300 دولار أمريكي.

العدالة تلاحق المجرمين

يمثل اعتقال وسيم بديع الأسد خطوة مهمة في مسار العدالة الانتقالية في سوريا، بعد سنوات من الحصانة والتمادي في انتهاك القوانين واستغلال النفوذ العائلي والأمني.

وبحسب توقعات ناشطين حقوقيين فإنّ التحقيقات مع وسيم الأسد قد تفتح ملفات حساسة تتعلق بتمويل النظام البائد من تجارة المخدرات، إضافة لكشف ارتباطات دولية بين عصابات الاتجار بالمخدرات وشبكات تهريب البشر.

ويعد اعتقاله بمثابة رسالة واضحة مفادها أن المرحلة الجديدة في سوريا تسير نحو اجتثاث الفساد وإنهاء عهد الإفلات من العقاب الذي ساد لعقود إبان حكم العائلة المخلوعة.

وقالت وزارة الداخلية في بيان مقتضب أرفقته بصورة لوسيم الأسد عقب توقيفه: “في إطار عملية أمنية مُحكمة، تمكن جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية من استدراج المجرم وسيم الأسد، الذي يُعتبر من أبرز تجار المخدرات والمتورطين في عدة جرائم خلال فترة النظام البائد”.

وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن هذه العملية تعكس التزامها بمكافحة الجريمة وتحقيق العدالة.