الجمعة 11 ذو القعدة 1446 هـ – 9 مايو 2025
دمشق
Weather
°16.8

التعليم خط أحمر… وأمن الطلاب في الحرم الجامعي مسؤولية لا تُساوَم

IMG_20250509_001709_225

في سياقات وطنية تتطلب أعلى درجات اليقظة والمسؤولية، يبرز الحرم الجامعي كأحد أهم رموز الاستقرار الاجتماعي والمعرفي، وكمساحة يجب أن تبقى محصّنة من الاستقطابات والاضطرابات بمختلف أشكالها. فالجامعات ليست فقط مؤسسات تعليمية، بل فضاءات تُشكّل الوعي الجمعي وتُغذّي قيم التعدد والانتماء.

ولأنّ استقرار البيئة الجامعية شرط أساسي لحماية العملية التعليمية، جاء الموقف الحكومي واضحا وحاسما: لا تهاون في الحفاظ على أمن وسلامة الطلاب، ولا مجال للعبث بحرمة المؤسسات الأكاديمية. وقد تجلّى هذا الموقف في سلسلة من التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة التعليم العالي ومحافظة السويداء وإدارة المدينة الجامعية، كردّ مباشر على ما أثير إعلاميا من مزاعم بشأن “إجلاء قسري” لطلاب من محافظة السويداء.

لا إجلاء ولا عنف… والمقطع المتداول خارج سياقه

مدير المدينة الجامعية في دمشق، عمار الأيوبي، نفى بشكل قاطع – للإخبارية – المزاعم المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حول “إجلاء قسري” لطلاب من محافظة السويداء من المدينة الجامعية في حي المزة بدمشق.

وقال “الأيوبي” إن المقطع المصور الذي انتشر الخميس 8 أيار، هو مقطع سجل قبل نحو 10 أيام، أي في اليوم الذي تلا انتشار تسجيلات صوتية مسيئة للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- وقبل أحداث جرمانا وصحنايا وقبل حدوث أي توترات.

وتابع: “الطلاب الذين غادروا المدينة الجامعية غادروا بناء على طلبهم واختيارهم ولم يجبرهم أحد على الخروج”.

وشدد الأيوبي، أن المدينة الجامعية لم تشهد أي حالات عنف أو مشاكل خلال الفترة الماضية.

ودعا مدير المدينة الجامعية الطلاب الذين غادروا للعودة والانتظام في دراستهم، مضيفا: “المدينة مدينتهم ومرحب بهم متى أرادوا العودة، ومن واجبنا أن نقدم كل التسهيلات لهم، وأن نضمن أمنهم وأمانهم”.

توعّد لمثيري الفتن ..سلامة الطالب فوق كل اعتبار

في تصريح حازم اللهجة، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي للإخبارية، أن أمن وسلامة الطلبة داخل الحرم الجامعي يمثلان “أولوية قصوى لا تقبل التهاون أو التساهل”. وشدد على أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة لترسيخ بيئة تعليمية مستقرة وآمنة، تضمن كرامة الطالب الجامعي وتعزز من قدراته في مناخ من الطمأنينة والثقة.

وأضاف الحلبي أن الجامعات السورية ظلت على الدوام فضاءً يجمع أبناء الوطن من مختلف المحافظات بروح من الأخوة والتفاهم، واصفا إياها بأنها “نموذج فعلي للوحدة الوطنية والتعايش الأهلي”.

وأعلن الوزير بوضوح أن الوزارة ترفض أي محاولة لبث الفتنة أو الإساءة إلى صورة الحياة الجامعية، مؤكدا اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي جهة أو فرد يثبت تورطه في الإخلال باستقرار المجتمع الطلابي.

وأردف: “أعبّر عن ثقتي الكاملة بوعي طلبة سوريا، وبحرصهم على استقرار جامعاتهم، وأدعو الجميع إلى عدم الانجرار وراء الشائعات. ستبقى سورية، بإذن الله، بلدًا للعلم والعقول النيرة، وستظل جامعاتنا حصنًا للمعرفة، والوحدة الوطنية، والتنوع البنّاء”.

تطمينات للطلاب من محافظ السويداء

محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور أكد في تصريح للإخبارية، أنه أجرى تواصلاً مباشرا مع وزير التعليم العالي، وحصل على تطمينات واضحة بشأن حماية حقوق وكرامة طلاب السويداء. وأوضح أن الوزارة أبدت تجاوبا مسؤولا، وأكدت أن الطلاب موضع رعاية واهتمام، ولن يُسمح بالإساءة إليهم بأي شكل.

وإزاء الشائعات المتداولة، دعا المحافظ وسائل الإعلام ورواد الفضاء الرقمي إلى تحري الدقة، محذرا من التجييش الإعلامي الذي يهدف إلى زرع الفتنة وإثارة القلق. وأكد أن المحافظة لن تتوانى عن اتخاذ كل ما يلزم لحماية طلابها، وضمان حقهم في التعليم ضمن بيئة آمنة ومحترمة.

مسؤولية مزدوجة في مواجهة الشائعات

تلقي هذه الحادثة الضوء على التحدي المتكرر الذي يواجه المجتمع والمتمثل في انتشار المحتوى الرقمي خارج سياقه، ودوره في خلق أزمات رأي عام تتطلب استجابات سريعة وواضحة. وهو ما جعل من الشفافية والاتصال المؤسسي السريع أدوات لا غنى عنها في الحفاظ على السلم الأهلي داخل المجتمع عامة، والفضاء الجامعي على وجه الخصوص، وتعزيز ثقة المجتمع في مؤسساته.

ومن هذا المنطلق حملت الحكومة مسؤولية ضحد الشائعات وأكدت على مبدأ المواطنة بين جميع مكونات المجتمع وكذلك على أن أمن جميع الطلاب محمي، وبالمقابل يحمل المجتمع مسؤولية عدم الانجرار وراء الشائعات، واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية.