تتصاعد في محافظة السويداء أصوات وطنية تؤكد تمسكها بالدولة السورية، في وقت يعمل فيه خارجون عن القانون ومستفيدون على نطاق ضيّق أو شخصي على إشاعة الفوضى والدعوة لمشاريع مشبوهة تخدم أطرافاً خارجية.
وبينما يروّج البعض لخطاب يتناقض مع الإرث الوطني للسويداء ومواقفها التاريخية الراسخة، تتقدم الأغلبية لتؤكد مجدداً أن مستقبل المحافظة لا يمكن أن يكون إلا ضمن دولة واحدة موحدة.
وترفض الأغلبية الوطنية في المحافظة حالة الانقسام التي صنعتها بعض شخصيات مدفوعة خارجياً، والتي تعمل على شيطنة الدولة ومؤسساتها، وتقديم صورة مزيفة عن مجتمع لطالما كان في طليعة من دافعوا عن سوريا الواحدة.
آثار سلبية للخطاب الانفصالي
وتتكشف يوماً بعد يوم النتائج السلبية للخطاب الانفصالي الذي يردده شيخ العقل حكمت الهجري، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، إذ يتخوف مستثمرون من إنشاء مشاريع في المحافظة لكونها خارجة عن سيطرة الدولة والقوانين السورية.
وحذّر المهندس عضو اللقاء التشاوري في السويداء زياد أبو حمدان من حالة الانقسام التي خلفتها الخطابات الانفصالية، مؤكداً أن هذه الممارسات تؤثر مباشرة على صورة المحافظة وتُفقدها جاذبيتها للمستثمرين.
وشدد أبو حمدان على أهمية دور وزارة الإعلام في طمأنة السوريين وتعزيز السلم الأهلي عبر جلسات حوارية تبرز التماسك الوطني وترفض أي دعوات مخالفة لذلك.
ويرى عضو اللقاء التشاوري في السويداء أن الأغلبية الساحقة في السويداء تقف مع الدولة السورية وتؤمن بوحدتها، وأن القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المحافظة موحدة خلف مشروع بناء الدولة.
وأضاف أنّ الأصوات الخارجة عن هذا الإجماع تحظى بدعم خارجي من أطراف معادية للشعب السوري ومن قبل فلول النظام البائد، مشيرا إلى امتلاكها أدوات تحريض إعلامي.
السويداء وجهتها دمشق
وأعلن شيخ العقل حكمت الهجري النفير العام للمجموعات المسلحة الموالية في مناطق انتشارها في “الأيام العشر”، مجدداً الحديث أمام أنصاره عن تطلعاته لـ”سوريا موحدة بنظام حكم لا مركزي”.
من جانبه أكّد الكاتب والناشط السياسي كمال السعدي أنّ السويداء وجهتها الإدارية والسياسية والاقتصادية هي دمشق، وأنّ أي ادعاءات مغايرة لذلك تمثل أصحابها فقط.
ووصف السعدي الأصوات الانفصالية بـ”الأصوات النشاز”، مؤكداً أنّ السويداء جزء من المجتمع السوري وجزء من الجغرافيا السورية، وهي الشقيقة الأصغر لأخواتها من بقية المحافظات والتي لا يمكن أن تنفصل واحدة منهنّ عن الأخرى.
ووجه السعدي دعوة لشيخ العقل حكمت الهجري للابتعاد عن السياسة وعدم الانحياز لأي طرف على حساب آخر، على اعتباره مرجعية دينية وليس سياسية.
وأضاف بأن قنوات الحوار التي فتحتها الحكومة مع كافة المكونات في السويداء أدت إلى حالة ارتياح نسبي، مطالباً بالمزيد من الأنشطة الحكومية في المحافظة ولا سيما فيما يخص الضابطة العدلية ومراكز الشرطة كونها تترك انطباعاً إيجابياً لدى الأهالي عن اهتمام الدولة بأمنهم وحمايتهم.
رفض الدويلة
ونوه السعدي بأخلاق محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور واصفاً إياه بالرجل ذي الأخلاق الحميدة والمعاملة اللطيفة وأنه كان نموذجاً يحتذى به في الأدب، مضيفاً أنّ أهالي السويداء يفتقدونه كما تفتقد الأم وليدها.
واعتبر السعدي أنّ هذه الحادثة ومثيلاتها من الاعتداءات المتكررة على ممثلي الدولة أو مؤسساتها لا تخدم أهالي السويداء وتنعكس سلباً على واقع الخدمات الحكومية في المحافظة.
وأشار إلى أن الفوضى التي تزرعها قلة متطرفة تحت غطاء مطالب ظاهرها خدمي أو حقوقي، باطنها سياسي وانفصالي، وهي لا تضر الدولة السورية بقدر ما تهدد استقرار السويداء نفسها وتفقدها مقومات التنمية، وتضعها خارج خارطة الثقة بالنسبة للمستثمرين والشركات الراغبة بالعمل في بيئة مستقرة وآمنة، حسب تعبيره.
ويعيش أهالي السويداء في هذه المرحلة بين حالتين واضحتين في السويداء، حالة وطنية تنادي ببناء الدولة وتضم الأغلبية الساحقة من أبناء المحافظة، وحالة أقلوية مندفعة نحو مشروع “الدويلة” بدعم خارجي، ما يعني أن الصراع ليس على هوية طائفية أو مناطقية، بل على مستقبل البلاد بين مشروع الدولة ومشروع الفوضى، حسب قول عضو اللقاء التشاوري في السويداء زياد أبو حمدان.
ولفت إلى أن هذه الأقلية تعطل كل مسار إصلاحي وتنموي، وتعمل على تشويه صورة السويداء، بينما تتطلع الأغلبية إلى إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وجلب الاستثمارات من السوريين في الخارج ومن الدول الصديقة، وهو ما لن يتحقق إلا عبر الاستقرار الأمني وتعزيز ثقة المواطن بأداء الحكومة.
وعن الحلول التي يراها أبو حمدان ذات فعالية في تقويض الأصوات الانفصالية هي الشراكة بين الدولة والشخصيات الوطنية في السويداء والعمل على مسار إصلاحي تشاركي لاستعادة سيطرة الدولة على كامل المحافظة.