السبت 1 صفر 1447 هـ – 26 تموز 2025
دمشق
Weather
°22

اقتصاديون للإخبارية: المنتدى الاستثماري السوري السعودي سيوفر آلاف فرص العمل

المنتدى الاستثماري السوري السعودي

شهدت العاصمة دمشق، الخميس 24 تموز، انعقاد المنتدى الاستثماري السوري السعودي الأول من نوعه بين سوريا والمملكة العربية السعودية، وذلك بعد إسقاط النظام البائد في كانون الأول الماضي.

وقال وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار في افتتاح المنتدى الاستثماري السوري السعودي إن: “المنتدى محطة تاريخية في مسيرة العلاقات بين بلدينا الشقيقين فما يجمعنا من روابط الأخوة ووحدة المصير يشكل أساساً متيناً لشراكات استراتيجية تخدم مصالح شعبينا”.

وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح الذي يترأس الوفد السعودي المشارك في المنتدى، أن أكثر من 20 جهة حكومية وأكثر من 100 شركة رائدة من القطاع الخاص في السعودية يحضرون المنتدى.

وأشار الفالح إلى أن المنتدى الاستثماري السوري السعودي سيشهد توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تقارب 24 مليار ريال سعودي.

خطوة استراتيجية

وحول المنتدى، قال الباحث الاقتصادي حيان حبابة لموقع الإخبارية إن الاتفاقيات الاستثمارية التي ستوقع خلال المنتدى الاستثماري السوري السعودي تُعد خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، لما لها من آثار إيجابية على الطرفين، ولا سيما على الاقتصاد السوري، الذي يُعد بحاجة ماسة إلى مثل هذه الاستثمارات، في ظل مشاركة السعودية، صاحبة الاقتصاد الأقوى في الشرق الأوسط، وفق تعبيره.

وأشار حبابة إلى أن دلالة الوفد السعودي رفيع المستوى الذي يشارك في المنتدى الاستثماري السوري السعودي تحمل أهمية خاصة، ولا سيما بوجود شخصيات اقتصادية بارزة، كان على رأسها وزير الاستثمار السعودي، وهو الرئيس التنفيذي الأسبق لشركة “أرامكو”، الذي وصفه حبابة بأنه شخصية اقتصادية مؤثرة كان ينتظر تصريحاته كبار المسؤولين في العالم فيما يخص تسعير النفط.

آلاف فرص العمل

وأوضح حبابة أن الأثر المتوقع للاستثمارات السعودية في سوريا سيكون كبيراً ومباشراً، من خلال تنشيط قطاعات رئيسية مثل الطاقة والتكنولوجيا، إضافة إلى ما يلي هذه الاتفاقية من عشرات الاتفاقيات الأخرى في قطاعات التجارة والصناعة وفتح آفاق اقتصادية جديدة بين البلدين.

وشدد على أن الاستثمارات التي ستنتج عن المنتدى الاستثماري السوري السعودي ستنعكس مباشرة على سوق العمل، حيث يُتوقّع أن تُحدث بداية نحو 10 آلاف فرصة عمل على المدى القصير، مرجحاً وصولها إلى 50 ألف فرصة عمل على المدى البعيد، ما يسهم في دعم القطاعين العام والخاص وتنشيط حركة الإنتاج والنقل ومجمل الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

وأشار حبابة إلى الدور الإيجابي الذي تؤديه القيادة السورية الجديدة في استقطاب مثل هذه الاستثمارات من دول محورية ذات ثقل اقتصادي في المنطقة، مؤكداً أن الاتفاقية الأخيرة تتماشى مع رؤية السعودية 2030، التي تركز على تنويع مصادر الدخل والاستثمارات، ما يجعل التعاون بين البلدين متناغماً مع أهداف التنمية الاقتصادية لكليهما.

مدخل للاستقرار وإعادة الإعمار

بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد السياسي محمد موسى في حديث لموقع الإخبارية أن الدور السعودي في دعم الاقتصاد السوري لا يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى شراكة استراتيجية تسعى لترسيخ الاستقرار في المنطقة.

وأشار موسى إلى أن المملكة كانت من أوائل الدول التي رحّبت بالتحول السياسي في سوريا، وقدّمت مساعدات إنسانية وطبية مباشرة عبر الجسرين الجوي والبري، من خلال منظمات كـ “الهلال الأحمر السعودي” و”مركز الملك سلمان للإغاثة”.

وأوضح موسى أن السعودية تنظر إلى استقرار سوريا باعتباره مفتاحاً لاستقرار المنطقة بأكملها، ولا سيما لبنان والعراق، نظراً لما تمتلكه من نفوذ دبلوماسي واقتصادي في تلك الدول، مشدداً على أن المنتدى الاستثماري السوري السعودي يُعد مدخلاً أساسياً لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ما ينعكس بدوره على الاستقرار السياسي.

اسثمارات بـ4 مليار دولار

وكشف موسى أن القيمة الأولية للاستثمارات السعودية التي طُرحت فيالمنتدى الاستثماري السوري السعودي تُقدّر بنحو أربعة مليارات دولار، وهي موجّهة في المرحلة الأولى إلى مشاريع البنية التحتية، كمشروع “الإسمنت الأبيض”، الذي يُعد أول المشاريع قيد التنفيذ، ما يعكس الجدية في الدفع نحو إعادة إعمار فعلي على الأرض.

ولفت إلى أن فتح الطريق البري عبر سوريا إلى تركيا ثم أوروبا سيعيد إحياء ممر تجاري استراتيجي، يمثل صلة وصل حيوية بين الخليج وأوروبا، كان يشكّل جزءاً من “طريق الحرير” القديم.

وأشار موسى إلى أن استقرار سوريا يفضي تلقائياً إلى تراجع نفوذ الميليشيات التي تهدّد الأمن الإقليمي، موضحاً أن السعودية تدعم هذا المسار بوصفه خطوة نحو إنهاء الفوضى الأمنية، وفتح الباب أمام التنمية الشاملة، كما أن إعادة تفعيل هذا الممر البري سيُعزّز من مكانة سوريا كبوابة للأسواق الأوروبية، ويجعلها مركزاً لجذب الاستثمارات الخليجية والدولية، خاصة في ظل امتلاكها واجهات بحرية على البحر الأبيض المتوسط.

حدث اقتصادي غير عادي

وحول القطاعات التي يركّز المنتدى الاستثماري على دعمها، أشار موسى إلى أن الاهتمام السعودي ينصب على البنية التحتية والطاقة والصناعة، إضافة إلى الزراعة والاتصالات والسياحة، مؤكداً أن سوريا رغم الدمار، تمتلك تنوعاً اقتصادياً وجغرافياً نادراً، يجعلها وجهة استثمارية جذابة على المدى الطويل.

ولفت إلى أهمية العنصر البشري، حيث توفّر سوريا يداً عاملة خبيرة ومؤهلة في قطاعات حيوية، ما يجعل البيئة السورية مهيأة لاستقطاب المستثمرين، ولا سيما من دول الخليج، وأضاف أن الروابط العشائرية بين سوريا والسعودية، في المناطق الحدودية خصوصاً، تلعب دوراً غير مباشر في تعزيز التفاهم الاقتصادي والتواصل المجتمعي، ما يُضفي طابعاً من الثقة المتبادلة بين رجال الأعمال من الجانبين.

وختم موسى بالتأكيد على أن المنتدى الاستثماري السوري السعودي لا يُعد حدثاً اقتصادياً عادياً، بل يُمثّل تحولاً استراتيجياً في العلاقات الإقليمية، ويُسهم في بناء محور تنموي جديد يجمع سوريا والسعودية والأردن وتركيا، ويعيد رسم خارطة الاستقرار والنمو في المنطقة.