كشفت الهيئة العامة للطيران المدني عن خطة طموحة لتطوير قطاع الطيران في البلاد، تستهدف تأهيل البنية التحتية القائمة، وإنشاء مطارات جديدة، وتوسعة الطاقة التشغيلية للمطارات السورية الحالية، وتحديث الاسطول الجوي، ما سيوفر نحو مليون فرصة عمل خلال مدة تنفيذ المشاريع الهادفة للنهوض بهذا القطاع الحيوي بما يضمن إعادة تموضع سوريا كمركز محوري في حركة الطيران الإقليمي والدولي.
وفي تصريحات خاصة لموقع الإخبارية، أوضح رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عمر الحصري أن هذه الخطة تأتي في إطار رؤية استراتيجية بعيدة المدى لتفعيل مختلف مفاصل القطاع الجوي، مشيراً إلى تركيز الجهود على تحسين جودة الخدمات الجوية.
وتعد هذه الخطة جزءاً من عملية نهوض اقتصادي وتنموي أوسع، تعتمد على استثمار موقع سوريا الجغرافي والبنية التحتية المتوفرة، مع فتح المجال أمام شركات محلية جديدة وتعزيز التعاون مع شركاء إقليميين ودوليين.
توفير مليون فرصة عمل
تعتبر فرص العمل أحد أبرز المخرجات المتوقعة من خطة تطوير القطاع الجوي، حيث أشار رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عمر الحصري إلى أن المشاريع المزمع تنفيذها ستسهم في خلق ما يقارب مليون فرصة عمل، تشمل وظائف مباشرة وغير مباشرة على مدى السنوات المقبلة.
وتتوزع هذه الفرص على مجالات مختلفة تشمل شركات الطيران، الخدمات الأرضية، الأمن والسلامة، إضافة إلى قطاعات الخدمات اللوجستية والشحن الجوي ومراكز الصيانة، ما يضمن تنوعاً في الفرص المتاحة ومراعاة لطبيعة الاحتياج في كل مجال.
وتشمل فرص العمل مجالات التعليم والتدريب المتخصصة بالطيران، إلى جانب السياحة المرتبطة بالنقل الجوي، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب السوري لدخول سوق العمل عبر مهن نوعية.
وأكد الحصري أن توفير هذه الفرص سيتم بشكل تدريجي، بحيث يتزامن مع مراحل تنفيذ الخطة، من افتتاح مطارات جديدة إلى دخول استثمارات إضافية تدعم التوسعة والتشغيل.
توسيع الطاقة التشغيلية للمطارات
بيّن رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري عمر الحصري خلال حديثه لموقع الإخبارية، أن الطاقة التشغيلية للمطارات تختلف باختلاف الموقع ونوع الاستخدام، ووفقاً للخطة فأنهم يستهدفون مطار دمشق الدولي ليعود كمركز إقليمي رئيسي.
من الجوانب الجوهرية في الخطة، العمل على رفع الطاقة التشغيلية للمطارات، بما ينسجم مع النمو المتوقع في حركتي السفر والشحن.
وأوضح الحصري أن هذه التوسعة تأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي لكل مطار وطبيعة استخدامه المستهدف.
ويعتبر مطار دمشق الدولي أبرز المحاور في الخطة، إذ تعمل الهيئة العامة للطيران المددني على تحويله إلى مركز إقليمي رئيسي، بطاقة تشغيلية تتجاوز 5 ملايين مسافر سنوياً بعد التوسعة الشاملة.
وتشمل أعمال التوسعة تطوير ساحات وقوف الطائرات، والصالات، ومرافق الشحن والخدمات، مما يمكّن المطار من استيعاب النمو في عدد الرحلات والمسافرين.
وفي خطوة موازية، سيتم تحويل مطار المزة إلى مطار مدني مخصص للطيران الخاص ورجال الأعمال، مع تركيز الطاقة التشغيلية فيه على نوعية الخدمات المقدمة وعدد الرحلات الخاصة.
أما مطار حلب الدولي، فسيشهد توسعة تهدف إلى تعزيز دوره في الشمال السوري، مع قدرة استيعابية تصل إلى مليوني مسافر سنوياً، ما يعزز حركة النقل الجوي في هذه المنطقة الحيوية.
وبالنسبة للمطارات الأخرى، مثل مطار القامشلي ومطار دير الزور، يجري تطويرها بشكل مرن وموسمي، وبما يتناسب مع احتياجات المناطق الشرقية، وفقاً لخصوصيات كل موقع.
خطة لتوسعة الأسطول الجوي الوطني
ضمن محور التحديث الشامل، وضعت الهيئة العامة للطيران المدني، بالتعاون مع إدارة “السورية للطيران”، خطة متكاملة لتحديث وتوسعة الأسطول الجوي الوطني، تمتد حتى عام 2030، حسبما كشف رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عمر الحصري.
وتستهدف الخطة في مرحلتها الأولى إضافة طائرتين إلى ثلاث طائرات قبل نهاية عام 2025، مع الاستمرار بإضافة طائرة إلى طائرتين بشكل ربع سنوي حتى نهاية عام 2026، في إطار زمني واضح.
وأوضح الحصري أن الخطة ترتكز على دراسة دقيقة لحجم الطلب المتوقع في السوق المحلي والإقليمي، وتحديد أولويات الربط الجوي مع الدول الصديقة والوجهات ذات الأهمية الاستراتيجية.
وتمنح هذه الخطة مرونة في التعديل والتطوير، بما يتلاءم مع التغيرات في ظروف السوق والطيران المدني، مما يعزز قدرة “السورية للطيران” على الاستجابة بفعالية للمستجدات.
هوية بصرية جديدة
إلى جانب التحديث التشغيلي، تعمل الهيئة العامة للطيران المدني على إعادة تقديم “الخطوط الجوية السورية” بهوية بصرية جديدة ُجسّد روح الانفتاح والتجديد، وتعكس طابع المرحلة المقبلة التي تمر بها البلاد.
تشمل الهوية الجديدة شعاراً عصرياً مستوحى من رموز الحضارة السورية، إلى جانب تصميم موحّد للطائرات والمطارات، وتحديث الزي الرسمي لكوادر الطيران والخدمة.
كما تشمل الهوية لغة تواصل إعلامية وتسويقية حديثة، تركّز على مفاهيم الجودة، والثقة، والانتماء الوطني، في خطوة تهدف إلى استعادة صورة المؤسسة كمشغل وطني يحظى بثقة المسافرين.
ويرى الحصري أن هذه الخطوة تتكامل مع مساعي تطوير الأداء التشغيلي والإداري، ما يسهم في تعزيز حضور الخطوط الجوية السورية في السوق الإقليمي والدولي.
ومن المتوقع أن تترك الهوية البصرية الجديدة أثراً إيجابياً على ثقة المسافرين، خاصة مع ارتباطها بتجربة سفر متطورة وخدمات محسّنة تعكس صورة سوريا الجديدة.
مدارس للتدريب
تولي الهيئة العامة للطيران المدني أهمية خاصة لتأهيل الكوادر البشرية المواكبة للتطور، من خلال تعزيز البنية التدريبية وتأسيس منظومة تدريب متكاملة تلبي متطلبات الخطة.
أفاد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عمر الحصري خلال حديثه لموقع الإخبارية أنه سيتم الاستعانة بخبرات دولية وجلب مدربين متخصصين لتأهيل الكوادر وفق معايير الطيران المدني العالمية، بما يشمل الطيارين والمراقبين والفنيين وفرق الضيافة الجوية.
كما تعمل الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي على إعادة تفعيل وتطوير مركز التدريب التابع للخطوط الجوية السورية، ليرتقي إلى مركز إقليمي معترف به، يوفر برامج تدريب عالية الجودة ومتنوعة الاختصاصات.
يتماشى هذا التوجه مع الحاجة إلى رفد القطاع بكفاءات وطنية مؤهلة تضمن استدامة التشغيل وتطور الأداء، مع ضمان نقل المعرفة من خلال الشراكات مع مؤسسات دولية متخصصة.