وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، إلى السعودية في مستهل جولة خليجية تستمر عدة أيام، تشمل الإمارات وقطر، ساعياً إلى إبرام صفقات تجارية في ظل المناخ المتوتر والنزاعات في الشرق الأوسط.
الوجهة الخارجية الأولى لأي رئيس أمريكي، تحمل دلالات سياسية في أكثر من اتجاه، سواء بالنسبة إلى حلفاء أو الخصوم على حد سواء. ويجدها دونالد ترامب الذي طالما نظر إلى العالم بعين رجل الأعمال، فرصة جيدة لعقد الصفقات.
ففي ولايته الأولى، لم يلتزم ترامب بتقليد اتبعه من سبقه من الرؤساء الأمريكيين لعقود طويلة، إذ كانوا يفضلون البدء بزيارة أقرب الجيران (كندا أو المكسيك) أو دول أوروبية، في ضوء مصالح واشنطن الاستراتيجية في “القارة العجوز”، إذ حطت طائرة الرئاسة “إير فورس وان” في السعودية في أيار 2017، ليجتمع ترامب مع قادة الشرق الأوسط.
الرئيس الأمريكي يدرك ثِقل منطقة الخليج اقتصادياً وسياسياً في ضوء نفوذها المتنامي، إقليمياً وعالمياً، وقدرة دولها على ضخ استثمارات ضخمة، كما أن استقرار المنطقة وموقعها الاستراتيجي، وتفاعلات دول الخليج الإقليمية والدولية، يمنحها دوراً مميزا على الخريطة السياسية الدولية.
الصفقات التجارية الضخمة
عندما كشف ترامب عن خططه بشأن هذه الجولة في آذار الماضي، قال إنه أعطى أولوية لزيارة الخليج بهدف إتمام صفقات تجارية، وذكر أن اختياره جاء بعد وعود بصفقات بـ”مئات المليارات من الدولارات” ستستفيد منها الشركات الأمريكية.
وفي ضوء التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي، يدرك ترامب أن هذه المنطقة تستطيع أن تساعده على جذب “الكثير من المال والاستثمارات في الولايات المتحدة”.
الأجندة السياسية
في المسار السياسي، ثمة قضايا ستكون حاضرة بقوة، بما فيها قضية الحرب في قطاع غزة وأكثرها إلحاحاً بالنسبة للرئيس الأمريكي، هي “الطلب من دول الخليج التدخل لإطلاق سراح باقي الرهائن المحتجزين في غزة”.
وتشارك قطر التي تحوي أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، في جهود وساطة بين حركة حماس وإسرائيل من أجل وقف إطلاق النار بين الجانبين والإفراج عن الرهائن.
أما ما يتعلق بملف طهران النووي، فقد هدد ترامب بقصف إيران إذا لم يتم التوصل إلى صفقة بشأنه.
وتشير المعلومات إلى لقاء مرتقب سيجمع ترامب بولي العهد السعودي والسيد الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس اللبناني جوزيف عون، في إطار مساع لتنسيق مواقف إقليمية تجاه الملفات الساخنة.
النفوذ الخليجي المتنامي عالمياً
برزت السعودية وسيطاً بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا؛ ففي شباط الماضي، استضافت الرياض مباحثات بين مسؤولين أمريكيين وروس بشأن سبل إنهاء الحرب الأوكرانية – دون مشاركة كييف في تلك المباحثات.
وبدا هذا الاجتماع هو الأول من نوعه بين واشنطن وموسكو منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام2022، بمنزلة نهاية لجهود الغرب الرامية إلى عزل روسيا، وفي آذار، استضافت السعودية وفوداً من الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، في جولات مباحثات منفصلة.
زيارة ترامب الأولى
في 20 أيار 2017، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفقة أسلحة بقيمة 400 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية وكانت الصفقة الأكبر في تاريخ العالم، وشملت الصفقة طائرات ودبابات وسفن قتالية، وأنظمة دفاع صاروخي ورادارات، وتكنولوجيا الاتصالات والأمن السيبراني.
ووُصفت الصفقة حينها من وكالات الأنباء، بأنها تطور مهم وتاريخي في علاقات الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية.
وشهدت الزيارة عقد قمة بين قادة ورؤساء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض.
سبق هذه القمة جلسة تشاورية حضرها العديد من قادة الدول الخليجية، ووقعت دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية مذكرة تفاهم لتأسيس مركز لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، واتفق المجتمعون على عقد قمة سنوية، لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال هذه القمة.