السبت 19 ذو القعدة 1446 هـ – 17 مايو 2025
دمشق
Weather
°16.9

محللون: تصريحات الشيباني تعكس صورة ناصعة لحكومة ولدت من رحم الثورة

asaad alshaibany

تواصل الحكومة الجديدة رسم ملامح مرحلة وطنية مختلفة، في مشهد سياسي يتسم بتحولات غير مسبوقة،  مستندة إلى شرعية شعبية وواقع دبلوماسي متطور.

فمن الداخل، تسعى الحكومة لترسيخ الثقة مع المواطن، عبر سياسات تنموية واستراتيجية تستجيب لتطلعات السوريين بعد سنوات من المعاناة، بينما يشهد الخارج حراكا دبلوماسيا مكثفا أسفر عن خطوات لافتة، أبرزها رفع العقوبات الدولية عن سوريا.

هذه الخطوات تحدث عنها  وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في المقابلة التي أجراها مع قناة الإخبارية أمس 15 أيار الجاري، حيث قدم رؤية شاملة للسياسة السورية في مرحلتها الجديدة.

الوزير الشيباني أعطى مؤشرات على تحول عميق في العقيدة السياسية والدبلوماسية للبلاد، فقد كشفت تصريحاته أن دمشق تسعى لترسيخ دولة قائمة على المؤسسات، والانفتاح، والمصالح المشتركة، بعيداً عن خطابات الاصطفاف والحروب بالوكالة.

ويدلّل حديث الشيباني إلى أنه بات من الواضح أن سوريا مقبلة على مرحلة فارقة في تاريخها، من خلال العمل الجاد على جميع الصعدة داخلياً وخارجياً، وبناء الثقة بين الدولة والمواطن كأساس لتحقيق النهضة، الاعتماد على الطاقات الوطنية المحلية والجاليات في الخارج.

 

صورة ناصعة لحكومة وليدة

على الصعيد المحلي، أكد الشيباني أن الحكومة تعمل بكل وزاراتها ومؤسساتها لخدمة الشعب السوري، معتبراً أن الثقة المتبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة هي أساس النهضة المرتقبة.

وحول ذلك، قال الكاتب والباحث السياسي أحمد قاسم، لموقع الإخبارية: إن “تصريح السيد وزير الخارجية يعكس صورة ناصعة لهذه الحكومة التي ولدت من رحم الثورة السورية ولم تأت على ظهر أي دبابة لا أمريكية ولا غيرها، بل بسواعد الابطال وانهت كافة المؤسسات الأمنية بعد انهيار النظام البائد”.

وأضاف: “نرى الثقة الكبيرة التي تربط الشعب السوري بحكومته.. رأينا كيف استقبل أهلنا في فرنسا السيد الرئيس بمنتهى الصدق والعفوية وبكل الحب، ولا أدل على ذلك ما شهدناه من فرحة غامرة لا تقل عن فرحة الانتصار يوم إعلان الرئيس الأمريكي إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا عند لقائه بالسيد الرئيس أحمد الشرع”.

وتابع قائلاً: “شاهدنا ردة فعل شعبنا والأفراح التي عمت المحافظات السورية والتي خرجت بشكل عفوي معبرة عن ارتباط الشعب بحكومته وتأييده لسياستها بالكامل.. هذه الثقة تتعاظم وتتنامى يوماً بعد يوم، فعندما تقدم الدولة السلم الأهلي على بسط النفوذ رغم قدرتها عليه فهذا يعكس وعياً حكومياً قل نظيره وحرصاً على النسيج الاجتماعي السوري”.

وذكر قاسم: “نرى أن الحكومة تتعامل باستراتيجيات باتت واضحة، والأولويات لم تعد تخفى على أحد فعلى رأسها تأمين متطلبات الداخل بمنظور تنموي يحرص على إعادة بناء البنية التحتية الحديثة وبناء سوريا الجديدة التي يطمح لها كل سوري حر بعد السنوات الأربعة عشرة من المعاناة لشعبنا في ثورته المباركة والتضحيات العظيمة التي قدمها .

واعتبر أن “انتصار ثورتنا يعد صمام أمان للمنطقة، إذ أنها ضربت المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، ما يخلق خارطة تحالفات جديدة مبنية على السلام والتعاون، فقد تحولت سوريا الآن وعبر السياسة الخارجية الجديدة إلى بناء علاقات مع المحيط الإقليمي إلى المحيط الدولي فحققت الاعتراف الرسمي وصولاً إلى رفع العقوبات وتحاول جاهدة تصفير المشاكل”.

واشار إلى أن الحكومة “أرسلت رسائل التطمين للمحيط بأننا نبني دولة السلام والكرامة فقامت ببناء علاقات يسودها الاحترام وتبادل المصالح ما ينعكس إيجاباً على سرعة النهوض بالدولة وتحقيق طموح الشعب السوري الذي يستحق الحياة الكريمة بعد عقود من الاستبداد والاجرام والدمار، وكل هذا يعكس الثقة الكبيرة التي تحرص الحكومة على بنائها مع الشعب السوري العظيم، وإلى الآن تسير بخطا مدروسة وناجحة لذلك سنرى ثمرات تعزيز هذه الثقة خلال الأشهر القادمة بإذن الله”.

 

تحرك دبلوماسي وحركة مكوكية

على الصعيد الخارجي، أكد الشيباني أنّ العلاقات مع الدول تقوم على أساس “المصلحة الوطنية”، لا على الانحياز لمحاور ضيقة كما فعل النظام البائد، مشيراً إلى الحراك الدبلوماسي المكثف في الشهور الأخيرة، حيث لاقت المطالب السورية قبولاً لدى الدول الإقليمية والغربية”.

وحول ذلك، قال المستشار في القانون الدولي الدكتور عبد العزيز النجيب لموقع الإخبارية: “ما تفضل به معالي وزير الخارجية يدور في دائرة العلاقات الدبلوماسية الراسخة والثابتة والتي تعبر عن واقع الحركة المكوكية التي قام بها معاليه وفخامة رئيس الجمهورية لما يخدم قضيه شعبنا وحقوقه التاريخية في العدالة والحياة الكريمة والعلاقات الدولية المبنية على أساس التعامل بالمثل والاحترام المتبادل، وليس على التبعية والمصالح الضيقة وهو ما أكده من خلال تصريحه أن سوريا ذاهبة إلى مستقبل مزدهر ومتطور أساسه دولة المواطنة والمساواة وأخذ حقها في أن تكون في مصاف الدول المتحضرة والقوية”.

ولفت إلى أن الحركة الدبلوماسية والزيارات المكثفة أظهرت قدرة الإدارة الجديدة لسوريا الوليدة على تحقيق السلام في المنطقة، من خلال الوقوف على بعد متساو مع جميع دول المنطقة وتفعيل القرارات والاتفاقات الدولية العادلة.

 

تحولات لافتة وإنجازات سياسية

إلى ذلك، أشار وزير الخارجية والمغتربين خلال المقابلة، في تقييمه لعمل الحكومة خلال النصف الأول من العام، إلى أن ما تم تحقيقه “لم تحققه أي من الدول في التاريخ المعاصر خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة”، وذكر أن هذا التحول لم يأت مصادفة بل هو نتيجة “رؤية حكومية متكاملة ونهج عملي”.

الباحث المساعد في مركز حرمون للدراسات المعاصرة إبراهيم  خولاني قال: “لا شك في أن ما أشار إليه الوزير يعبر عن التصور الرسمي حول أداء الحكومة السورية الحالية، ومن الواضح أن رفع العقوبات عن سوريا، في هذا التوقيت غير المتوقع، يمثل تطوراً نوعياً في دعم سوريا على المستوى الإقليمي والدولي، وهذا لم يكن ليحدث لولا تحركات دبلوماسية محسوبة من الحكومة السورية، ومن دول إقليمية، ولولا تقديم الحكومة السورية ضمانات واضحة حول الانفتاح والاستقرار”.

وأضاف خولاني لموقع الإخبارية: “وصف ما تحقق بأنه غير مسبوق في التاريخ المعاصر، قد يحمل نوعاً من المبالغة، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن إنكار أن سير التحولات كان لافتاً لكل المراقبين. وإن الأمر الأهم، من وجهة نظري، هو ألا تتوقف هذه الإنجازات عند الرمزية السياسية لهذا الإنجاز الكبير والمهم، بل لا بد من أن تظهر نتائجه بشكل فعلي في ملفات حيوية مثل فرص العمل وفي استقرار الخدمات وتعزيز الحريات العامة، وهذا ما نتفاءل بتحقيقه في المستقبل”.

وذكر أن الارتياح الشعبي بعد رفع العقوبات مؤشر إيجابي، لكنه يحتاج إلى تعزيز عبر خطط اقتصادية مؤثرة، وعبر استمرار استقطاب الدعم الدولي بطريقة شفافة، ومن هنا، فإننا ننظر إلى ما جرى بوصفه بداية يمكن البناء عليها؛ فالآن قد بدأ العمل.

كما تضمنت تصريحات الوزير الشيباني الإشارة إلى القدرات التي يمتلكها أفراد الجاليات السورية المنتشرة في دول العالم، مؤكداً أن تلك القدرات “ستكون لها أولوية في مشاريع الإعمار والتنمية في الداخل السوري”.

وكان السيد الرئيس أحمد الشرع قد أشار في كلمته التاريخية التي وجهها للشعب السوري بعد رفع العقوبات عن سوريا إلى دور الجاليات السورية في الخارج بالبناء والمطالبة برفع العقوبات.

في هذا السياق قال أحد مؤسسي اللوبي السوري-الأمريكي محمد علاء الغانم للإخبارية: “حين غابت الدولة السورية وتحولت مؤسساتها لمراكز افتراس للسوريين بدلاً من خدمتهم، اضطرت الجالية السورية الأميركية لأن تكون سفيرة ولسان حال الشعب السوري في الولايات المتحدة في واشنطن طيلة سنين الثورة، وحتى اليوم”.

وأضاف الغانم، وهو أيضا رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأمريكي في واشنطن: “سرّنا جدا ثناء الرئيس الشرع على جهودنا في رفع العقوبات، كما سرتنا زيارة وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني لمدينة نيويورك والتقاؤه بالجالية”.

كما اعتبر الغانم أن كلام وزير الخارجية حول دور الجالية “ماهو إلا تأكيد على ما لمسه وعاينه بنفسه”.

وأردف: “اليوم نحن سعداء أن الحكومة أصبحت شريكا لا عدواً، وإن شاء الله يبقى هذا التعاون مستمراً بما فيه مصلحة أهلنا في سوريا”.