أكد حاكم المصرف المركزي عبد القادر الحصرية في لقاء خاص على شاشة الإخبارية، الإثنين 25 آب، أن تغيير العملة في سوريا يشكّل محطة مفصلية في تاريخ البلاد، ويمثل “التحرر المالي بعد التحرر السياسي وسقوط النظام البائد”.
وأوضح أن الليرة السورية باتت اليوم رمزاً للتحرر وتجسيداً للجمهورية الثانية، معتبراً أن المصرف المركزي نفسه يجسد رمز السيادة المالية والاقتصادية.
وأشار الحصرية إلى أن المصرف المركزي السوري هو ثالث أعرق مؤسسة نقدية عربية بعد السعودية والعراق، مضيفاً أن هذه المرحلة تحمل أبعاداً سيادية لا تقل أهمية عن التحولات السياسية التي شهدتها البلاد.
ولفت إلى أن المصرف يعمل للمرة الأولى “وفق رؤى عالمية” ويسعى للاندماج في النظام المالي الدولي، معتبراً ذلك نقلة نوعية في تاريخ العمل النقدي والمصرفي السوري.
مراحل الطباعة وحذف الأصفار
وتحدث الحصرية عن الجوانب الفنية للعملية، مبيناً أن طباعة العملة تمر بمراحل طويلة ومعقدة تتطلب قدراً كبيراً من التحضير الفني والإداري، وكشف أنه تم تشكيل لجنتين، استراتيجية وتشغيلية، لمتابعة ملف الطباعة وضمان نجاحه.
وأوضح أن قرار تغيير العملة في سوريا وحذف الأصفار قد حُسم بشكل نهائي، مؤكداً أن حذف صفرين من العملة لن يؤثر في قيمتها الحقيقية، مبيناً أن الهدف من هذه الخطوة هو تسهيل الحسابات اليومية والعمليات التجارية، مضيفاً: “حذف الأصفار بداية جديدة نريد أن يشارك بها الجميع”.
الليرة الجديدة
أعلن الحصرية أن اسم العملة سيتحوّل إلى “الليرة الجديدة” للتمييز الحسابي، موضحاً أن العملية لا تتضمن ضخ كميات إضافية من النقد، بل تقتصر على استبدال الأوراق المتداولة بأخرى حديثة.
وكشف الحاكم أن المصرف المركزي سيطلق حملة توعوية شاملة لشرح آلية استبدال العملة وتوضيح خطواتها للمواطنين، مؤكداً أن كل مواطن سيتمكن من تسجيل مبالغ الاستبدال مسبقاً ليكون رصيده جاهزاً للسحب دون تأخير.
وأشار إلى أن المصرف أدرج مواصفات أمنية متطورة في الإصدار الجديد من الليرة لتعزيز الثقة بالعملة وحمايتها من أي عمليات تزوير، موضحاً أن ست فئات مختلفة من العملة الجديدة في سوريا قيد الطباعة حالياً.
وشدد الحصرية على أن المصرف يضمن استمرار توفر الكتلة النقدية في السوق دون انقطاع، مؤكداً أن عملية التبديل لا تعني إصدار أموال إضافية بل استبدال الكميات القائمة فقط.
الثقة بالقطاع المصرفي
اعتبر الحصرية أن نجاح عملية تغيير العملة في سوريا مرهون بتأمين الاستقرار الاقتصادي والمالي، مؤكداً: “أن المصرف المركزي يراهن على وعي الشعب وثقته بمؤسساته”.
وأشار إلى أن المصرف يعمل بالتوازي على تطوير وسائل الدفع الإلكتروني لتسهيل التعاملات وتعزيز كفاءة النظام المالي. كما أوضح أن الهدف الثاني للمصرف يتمثل في “استقرار القطاع المالي وتعزيز ثقة المودعين والمستثمرين”.
وبيّن الحصرية أن ترخيص مصارف جديدة من شأنه أن يسهم في جذب الاستثمارات وتنشيط الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن الهدف الاستراتيجي للمصرف هو رفع جميع القيود عن السحوبات في موعد محدد.
وأضاف أن المؤسسة النقدية تراقب التزام المصارف بشكل مستمر وتنسّق معها لتحقيق حرية السحب الكاملة، منوهاً إلى أنّ قوة العملة تأتي من ثقة الشعب بها قبل أي غطاء ذهبي.
وختم الحصرية بالتأكيد على أن المصرف يتدخل بشكل فوري لمعالجة أي مشكلات تواجهها المؤسسات المالية، بما يضمن استقرار النقد، وضبط سعر الصرف، وخفض معدلات التضخم.