الجمعة 7 صفر 1447 هـ – 1 آب 2025
دمشق
Weather
°28.7

زيارة الشيباني إلى روسيا.. علاقات دولية مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة

زيارة الشيباني إلى روسيا.. علاقات دولية مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة

تمثل زيارة الوفد الحكومي برئاسة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى العاصمة الروسية موسكو، الخميس 31 تموز، أول زيارة رسميّة لمسؤول سوري إلى روسيا منذ إسقاط النظام البائد أواخر العام الفائت.

وتأتي الزيارة بعد زيارة سابقة أجراها وفد روسي في كانون الثاني الماضي التقى فيها مسؤولين في دمشق وذلك للمرة الأولى أيضاً بعد إسقاط نظام الأسد المخلوع.

ويناقش الوفد مع نظرائهم الروس قضايا جوهرية متعددة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية إلى جانب البعد العسكري بما سيأطر شكل العلاقات مستقبلاً على كافة الأصعدة.

كما تتسم الزيارة بأهمية بالغة من حيث التوقيت وتطلع سوريا لإقامة علاقات دولية مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو أمر أشار إليه وزير الخارجية أسعد الشيباني خلال هذه الزيارة، حيث تمر العلاقات بين البلدين “بمنعطف حاسم وتاريخي”، مع تأكيد الشيباني على أن “التعاون مع روسيا يقوم على أساس الاحترام”.

تصحيح للعلاقات السورية – الروسية

وأعرب وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خلال الاجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو، اليوم، عن تطلع سوريا إلى إقامة علاقات صحيحة وسليمة مع روسيا قائمة على التعاون والاحترام المتبادلين”.

وتلقي هذه الزيارة بظلالها على مستقبل العلاقات بين البلدين في حقبة جديدة تعيشها سوريا ما بعد النظام البائد، ورأى الأستاذ في العلاقات الدولية عبد العزيز النجيب أن العلاقات السورية الروسية يجب أن تقوم على أسس تحقق مصالح الشعب السوري وكرامته، بعيدًا عن الإرث الذي خلفه النظام البائد.

ورجح الباحث والمحلل الاقتصادي خالد تركاوي أن تكون العلاقات الاقتصادية السورية الروسية في المستقبل أكثر نفعية، حيث إن وصول روسيا إلى المياه الدافئة لم يعد أولوية، بل أصبح موقع سوريا على طرق عبور الطاقة والغاز أكثر أهمية لموسكو.

وتتقارب وجهات نظر تركاوي حول مستقبل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين مع ما يذهب إليه الأستاذ في العلاقات الدولية عبد العزيز النجيب.

ويرى النجيب أن أي شراكة مستقبلية مع روسيا يجب أن تقوم على مبادئ العدالة المتبادلة والمنفعة المشتركة، مضيفًا أن على موسكو أن تبادر اقتصادياً سواء عبر دعم قطاع القمح أو الاستثمار البنّاء في عملية التعافي الاقتصادي، بما يعيد الاعتبار للعلاقة بين البلدين ويوجهها نحو مسار جديد يخدم تطلعات سوريا.

وفي هذا الجانب، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقد اليوم في موسكو مع وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني أن روسيا ستشارك بشكل فعال في تعافي الاقتصاد السوري.

وعلى الرغم من أن العلاقة بين سوريا وروسيا يجب أن تصاغ مجدداً بشكل مختلف عما كانت في عهد النظام البائد، يبني النجيب تصوره انطلاقاً من جوانب أخرى تتصف بالإيجابية، داعياً إلى الاستفادة من الروابط الثقافية والعلمية التي جمعت الشعبين، لا سيما آلاف الطلاب السوريين الذين درسوا في الجامعات الروسية، وينطلق النجيب في رأيه من قاعدة “صفر مشاكل” مع جميع الدول، بما فيها روسيا الاتحادية، شرط احترامها الكامل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

القواعد العسكرية

وتمثل القواعد العسكرية الروسية في سوريا مسألة بالغة الأهمية في ظل التحولات السياسية في سوريا ما بعد حقبة النظام البائد فضلاً عن تغيرات متسارعة في المشهد الإقليمي بأسره.

ويتحدث النجيب حول هذه النقطة معتبراً أن وجود القواعد الروسية في البلاد هي جزء من تفاهمات سابقة مع النظام البائد، أبرمها في سبيل بقائه على رأس السلطة وحكم الشعب السوري بالقبضة الحديدية.

ويرى النجيب أنّ بقاء القواعد الروسية في سوريا بعد إسقاط النظام البائد مرهون بقرار الدولة التي تعامل المجتمع الدولي ككل على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.

الاتفاقيات السابقة

وإلى جانب العلاقات التاريخية، وقع النظام البائد مع روسيا اتفاقات وشراكات ومشاريع استثمارية إلا أن سوريا ترغب بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات في ضوء المصلحة الوطنية، ويتوافق ذلك مع حديث وزير الخارجية أسعد الشيباني من موسكو عن اتفاق لتشكيل لجنة وزارية مشتركة بين البلدين للنظر في الاتفاقات السابقة.

وتوقع تركاوي أن تسعى سوريا لإعادة تقييم الاتفاقيات الاقتصادية السابقة التي وقعتها روسيا مع النظام البائد، والتي تعتبرها “غير متوازنة”، لافتاً إلى أهمية استعادة الأموال الوطنية التي نهبها الأسد المخلوع وفرّ بها إلى روسيا.

وفيما يتعلق بإعادة دراسة اتفاقيات اقتصادية سابقة، يشير تركاوي إلى اتفاقية إدارة ميناء طرطوس لمدة 50 عاماً واستثمارات الفوسفات، التي تعتبرها دمشق “غير متوازنة” وقد تسعى لإعادة التفاوض عليها أو إلغائها كلياً كما فعلت باتفاقية المرفأ.

ويعتقد تركاوي أن سوريا ستعيد صياغة وتقييم التفاهمات الاقتصادية والتجارية بما يخدم مصالحها الخاصة، ومنها اتفاقية استكشاف الغاز الموقعة عام 2013، وقد تصنف الديون الروسية على أنها “ديون بغيضة” تكبدت في ظروف سياسية غير صحية، مما يجعلها نقطة تفاوض رئيسية.

تعاون وتنسيق

وأكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، الخميس 31 تموز، أن الحوار مع روسيا يُعد خطوة استراتيجية تدعم مستقبل سوريا.

وقال الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو: “تتطلع سوريا إلى تعاون وتنسيق كامل مع روسيا لدعم مسار العدالة الانتقالية فيها بما يضمن إعادة الاعتبار للضحايا”.

وأضاف: “لقد قدم اجتماعنا اليوم فرصة جديدة قد تساهم فيها روسيا بتعافي سوريا”، مشيراً إلى أن “العلاقة بين روسيا وسوريا تاريخية ونريدها أن تكون في مسارها الصحيح”.