كشف تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” أن العقوبات الأمريكية ما زالت تعرقل نمو الاقتصاد السوري، في ظل وجود تحديات عديدة تعاني منها سوريا، وأبرزها بنى تحتية مدمرة واقتصاد منهار، ما يزيد التحديات أمام الحكومة لتحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد.
وسلّط التقرير، الذي نشر أمس 26 تشرين الأول، الضوء على تركيز الرئيس الشرع على الإنعاش الاقتصادي كمدخل للاستقرار السياسي في البلاد، وتمكنه من استعادة الشرعية الدولية إلى مرحلة دفعت الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى رفع معظم العقوبات.
كما ركّز التقرير على جهود الرئيس الشرع لتفكيك نظام الاقتصاد الاشتراكي الذي تركه الأسد، ومساعيه لجذب استثمارات أجنبية عبر مذكرات تفاهم بمليارات الدولارات.
وتسعى الحكومة السورية إلى إعادة بناء العلاقات مع المجتمع الدولي وتشجيع الاستثمار، في محاولة لفتح صفحة جديدة، يعيقها التردد في رفع العقوبات كليّاً من قبل الولايات المتحدة في ظل ظروف معقّدة في جميع القطاعات وحاجة ماسّة للدعم، بحسب الصحيفة.
وقال التقرير إن رجال أعمال أجانب زاروا دمشق، تفاجأوا بخطط طموحة تشمل شبكة مترو ومحاور إسكانية تمتد لعشرين عاماً، وهو ما يعكس توجه الحكومة نحو تحوّل جذري.
في المقابل، يشير التقرير إلى أن الاقتصاد ما زال تحت وطأة العقوبات وغياب الاستقرار الكامل، ما يبطئ بدء تنفيذ المشاريع والخطط الاستثمارية.
ورصد التقرير مواقف بعض رجال الأعمال، مبيناً ترحيب معظمهم بالإصلاحات والتخلص من نظام الابتزاز والمحسوبيات والبيروقراطية والترهل الإداري الذي ميّز إدارة نظام الأسد المخلوع.
ولفت التقرير إلى أنّ الحكومة السورية استجابت لمطالب الصناعيين بإعادة بعض الحماية الجمركية، مشيراً إلى عودة بعض المستثمرين الذين غادروا البلاد سابقاً.
وعلّق رئيس شركة أمانة فود مازن ديروان، الذي أعاد بعض منشآته من الأردن وتركيا وضاعف عدد موظفيه في سوريا إلى 400 عامل، قائلاً: “البيئة اليوم أفضل بمليون مرة، نشعر بأمان أكبر للاستثمار”.
وأشار التقرير إلى أنّ القطاع المصرفي في سوريا يعيش أزمة خانقة بسبب الحرب والعقوبات التي عانت منها البلاد، إلى جانب تأثره بانهيار النظام المالي في لبنان، ما أدى إلى تجميد الإقراض، بالإضافة إلى رفض المصارف الأوروبية التعامل مع سوريا حتى في القطاعات المعفاة من العقوبات مثل الغذاء والدواء.
وتعد سوريا واحدة من أكثر الدول التي تعرّضت لتدمير شامل لبنيتها الإنتاجية والخدمية، مع تراجع كبير في الناتج المحلي وعقوبات مرهقة.
وتوقّع تقرير للبنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار في سوريا بنحو 216 مليار دولار، ما يعادل عشرة أضعاف الناتج المحلي لعام 2024 تقريباً.
كما تنبأ البنك الدولي بأن يحقق الاقتصاد السوري نمواً بنسبة 1% هذا العام، بينما تؤكد الحكومة أن النسبة أعلى قليلاً، ورغم ذلك يبقى الناتج المحلي نصف ما كان عليه في عام 2010، ويعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر.
ويؤكد التقرير أن بناء البنى التحتية السكنية والصناعية والخدمية في سوريا سيكلّف مئات المليارات، ما يستدعي شراكة دولية قوية وخطط تنفيذية واضحة.



