وصلت إلى محافظة درعا خلال الأيام الماضية مئات العائلات التي نزحت من السويداء على خلفية الانتهاكات التي لحقت بها من قبل جماعات خارجة عن القانون تحت تهديد السلاح لتتقلص الخيارات أمامهم، فإما الموت أو النجاة بأرواحهم، واضطرت في تلك الظروف للتوجه نحو مناطق أكثر أمناً دون أن يتمكنوا من إخراج أي من مقتنياتهم.
ورصدت كاميرا الإخبارية شهادات عائلات من البدو في محافظة السويداء ممن لجؤوا إلى مراكز الإيواء في محافظة درعا جهزها الدفاع المدني والمؤسسات الحكومية التي استجابت لتلك الكارثة فور وقوعها.
شهادات الناجين
جريمة تطهير عرقي وتغيير للتركيبة السكانية ارتكبتها جماعات خارجة عن القانون استهدفت عشائر البدو، تركت خلفها قصصاً مأساوية، روى تفاصيلها نازحون خسروا أفراداً من عائلاتهم ومنازلهم وكل ما يملكون على يد مجموعات مسلحة لا تعترف بسلطة القانون.
تروي إحدى النازحات من السويداء: “تلقينا تهديداً بمغادرة القرية خلال دقائق، وإلا سيهدمون المنازل فوق رؤوسنا، ما أجبرنا للهروب فوراً، بملابسنا فقط”.
وأشارت السيدة إلى تعرُّض منازل بعض العائلات للتدمير قبل أن يتمكن قاطنوها من المغادرة، وأضافت أن “أفراداً من الجماعات الخارجة عن القانون صوبوا أسلحتهم الرشاشة باتجاه المنازل، وبالفعل جرى استخدامها، كما تعرضت عائلة مكونة من خمسة أشخاص للحرق في وسط المدينة أمام أعين السكان”.
وأوضحت السيدة في حديثها للإخبارية أن إحدى حفيداتها توفيت وأصيبت الأخرى أثناء محاولتهم الهرب من منطقة شهبا في محافظة السويداء.
وأضافت: “عشنا لسنوات مع جيراننا من الدروز نعمل ونأكل معاً ولم نشهد مثل هذه الانتهاكات إلا بعد أن تمكن حكمت الهجري من فرض سطوته على مناطق واسعة في السويداء”.
وفي السياق، أكّدت سيدة أخرى أنها فقدت الاتصال بابنتها المتزوجة وحفيدَتيها منذ أيام، ولا تعلم إن كُنَّ على قيد الحياة، وأوضحت أنها سألت الجيران بالمدينة للوصول إلى معلومة عنهنَّ لكن دون جدوى، مناشدة الحكومة والأهالي مساعدتها في العثور عليهنّ.
وكشف أحد الأشخاص للإخبارية أنَ “مجموعات تابعة للهجري عملت على محاصرتنا من جميع الأطراف ونصبت قناصات ترصد كل تحركاتنا، ما أجبرنا تحت هذا التهديد على النزوح ليلاً”.
جهود حكومية
عملت الحكومة على مدار الأيام الماضية بجهد كبير على تأمين العائلات التي كانت محتجزة في السويداء، وسط خطوات أخرى لحفظ الأمان بالمدينة.
أفاد مراسل الإخبارية، أن عمليات إجلاء مئات العائلات التي نزحت من السويداء إلى درعا جرت بحضور ومتابعة وفد أمني رفيع المستوى، في إطار الجهود المستمرة لضمان سلامة المدنيين وسط التوترات الجارية في المدينة.
وأكد محافظ درعا أنور طه الزعبي، الاثنين 21 تموز، وصول مئات العائلات من العشائر العربية التي كانت محتجزة في السويداء، إلى مراكز الإيواء في مدينة درعا، موضحاً أن العائلات وزّعت على مراكز الإيواء الجديدة التي جُهّزت، وضمَّت أكثر من 1000 شخص.
وأشار الزعبي، إلى أن مراكز الإيواء مجهزة بعدة فراش وبطانيات وخزانات مياه ومواد طبية وغذائية وعيادات متنقلة.
وشهدت الأيام الماضية هجمات شنّتها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون استهدفت عشرات القرى والبلدات في محافظة السويداء دفعت عشائر البدو إلى النزوح قسراً تحت التهديد بالقتل وتدمير المنازل، في جريمة تطهير عرقي واضحة.
ودفعت التهديدات إضافةً إلى عمليات القتل والهدم، عشائر البدو إلى التحشد من أجل حماية أبنائها، وبعد أيام من الاشتباكات بين الأطراف، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً أعلنت فيه عن وقف شامل وفوري لإطلاق النار في المدينة، ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام به.