الأربعاء 9 ذو القعدة 1446 هـ – 7 مايو 2025
دمشق
Weather
°16

في حوار مع الإخبارية.. الوزيرة هند قبوات تكشف خطط الوزارة للانتقال إلى التنمية المستدامة

هند قبوات

أكّدت وزيرة التنمية والشؤون الاجتماعية في الجمهورية العربية السورية، هند قبوات، أنّ تعزيز مشاركة المجتمع المحلي في رسم وتنفيذ السياسات الاجتماعية يشكّل ركيزة أساسية ضمن استراتيجية الوزارة في مرحلة ما بعد سقوط النظام البائد.

وأشارت قبوات في تصريح خاص للإخبارية السورية، أنّ الحكومة أزالت خلال الفترة الماضية غالبية القيود والتعقيدات التي كانت تحول دون فاعلية منظّمات المجتمع المدني، ما أتاح لما يقارب ألفي منظمة غير حكومية الحصول على التراخيص القانونية اللازمة ومباشرة أعمالها داخل الجمهورية، سواء عبر مكاتبها الجديدة في المحافظات أو من خلال توسيع عملها بعد أن كانت تنشط من الخارج.

وأوضحت قبوات أنّ هذه المنظمات بدأت فوراً، ومنذ يوم التحرير، بتنظيم مبادرات تطوعية وتقديم مساعدات وتنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز التماسك المجتمعي وبناء جسور التلاقي بين السوريين، مؤكدةً أنّ هذه الشراكة ليست شكلية، بل قائمة على دور فعلي للمجتمع المدني في صنع السياسات وتوجيهها نحو الفئات الأكثر تضرراً، وهو ما يضمن عدالة التوزيع وفعالية الخدمات.

تطوير البيئة القانونية مسؤوليتنا
وبيّنت قبوات أنّ الوزارة أطلقت بالتوازي مع ذلك ورشات حوار مفتوحة مع المنظمات غير الحكومية لتطوير قانون الجمعيات، وتحديث التشريعات المرتبطة بعملها بما يتناسب مع الواقع الجديد في البلاد، مشددةً أنّ الوزارة، رغم كونها غير تشريعية، ترى في تطوير البيئة القانونية جزءاً من مسؤوليتها الإدارية والاجتماعية، خاصةً ما يتعلق بقانون العمل، وقوانين ذوي الإعاقة، والتشريعات المرتبطة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا.

وأشارت الوزيرة إلى أنّ هذه الحوارات تجري بالتنسيق مع اتحاد العمال، وغرف التجارة والصناعة، والوزارات المعنية، في سبيل بناء بيئة قانونية تشاركية، مستدامة، تواكب المتغيّرات، وتمنح جميع الفئات فرصاً متكافئة للمشاركة في إعادة بناء الدولة والمجتمع على أسس العدالة والتكامل والكرامة.

كما أكّدت أنّ الوزارة تتبنى سياسة انفتاح كامل على المجتمع المدني، وتعمل على تمكينه من لعب دور أساسي في صياغة وتنفيذ السياسات الاجتماعية، مشيرةً إلى أنَّ رفع القيود الإدارية والتشريعية خلال الفترة الماضية مكّن نحو ألفي منظمة غير حكومية من الحصول على التراخيص القانونية اللازمة لمباشرة نشاطها داخل البلاد، بما في ذلك منظمات كانت تعمل خارج سوريا وأخرى تشكّلت حديثاً بعد يوم التحرير.

وأوضحت قبوات أنَّ هذه المنظمات باشرت فوراً بتنفيذ مبادرات إنسانية واجتماعية شملت توزيع مساعدات، وتنظيم أعمال تطوعية، وخلق مساحات آمنة للحوار المجتمعي، في سياق جهود تهدف إلى ترميم النسيج الوطني وبناء جسور الثقة بين مكونات المجتمع السوري.

وبيّنت أنَّ هذه التسهيلات تتكامل مع سلسلة من ورشات الحوار التي أطلقتها الوزارة مع المنظمات غير الحكومية لتطوير قانون الجمعيات، مؤكدةً أنّ الوزارة، رغم كونها غير تشريعية، تتحمّل مسؤولية الدفع باتجاه تحديث القوانين بما يتوافق مع الواقع السوري الجديد.

ولفتت إلى أنَّ الوزارة ستعقد حوارات مماثلة لتطوير قوانين العمل، وحقوق ذوي الإعاقة، والتشريعات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية واتحاد العمال وغرف التجارة والصناعة، في سبيل بناء بيئة قانونية مرنة، تشاركية، ومستدامة.

استراتيجيات العدالة الاجتماعية
وفي ما يخص تأهيل الموارد البشرية وتشكيل فرق ميدانية تدعم تنفيذ استراتيجيات العدالة الاجتماعية، أكَّدت قبوات أنّ الوزارة بدأت، فعلياً، بتطوير قدراتها من خلال لقاءات ثنائية مع منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالإضافة إلى اجتماعات مثمرة عقدتها على هامش مؤتمر الإسكوا، أبرزها مع السيدة بثينة علي الجبر النعيمي، وزيرة التنمية والأسرة في دولة قطر، مشيدةً بالدعم القطري المستمر للسوريين، لافتةً إلى وجود خطة تعاون لتبادل الخبرات وبناء الكفاءات بالتنسيق مع الأشقاء في قطر.

وشدّدت، أنَ الوزارة لن تكتفي بالخطط النظرية، بل ستترجم هذه الشراكات إلى نتائج ملموسة على الأرض، عبر تحسين جودة الخدمات الاجتماعية وتطوير آليات العمل بما يعكس روح التغيير والانفتاح التي تنتهجها الحكومة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الجمهورية.

واعتبرت الوزيرة أنّ تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً يشكّل حجر الزاوية في خطط الوزارة للمرحلة القادمة، وأنّ “المرأة السورية امرأة عظيمة قدّمت أبناءها وطاقاتها من أجل تحرير البلاد”، ودورها في مرحلة البناء لا يقل أهمية عن تضحياتها السابقة.

وقالت: الوزارة تعمل على إعادة النظر في القوانين والتشريعات التي تعيق مشاركة المرأة أو تحدّ من دورها الفاعل، مع إعطاء أولوية لمراكز التنمية الريفية التي تديرها سيدات سوريات ويقمن فيها بإنتاج أعمال يدوية وتراثية عالية الجودة، كغزل السجاد والخياطة والتريكو.

وأضافت: “نبدأ بدعم تسويق منتجات هذه السيدات وتعزيز قدراتهن، مع التأكيد أنّ هذا المشروع ليس إلا خطوة أولى ضمن سلسلة من البرامج والمبادرات الأوسع التي وضعتها الوزارة لتمكين المرأة في مختلف المجالات”.

برامجنا تستهدف الفئات الأكثر هشاشة
وفي ما يخص الفئات المتضررة من الحرب، شدّدت قبوات أنّ الوزارة تعمل وِفق رؤية شاملة للاندماج الاجتماعي والاقتصادي، وقالت: “الشعب السوري بنسبة تتجاوز 90% هو شعب متضرر، وبرامجنا تستهدف الفئات الأكثر هشاشة مثل الأيتام، وذوي الإعاقة، وكبار السن، والنساء المعيلات، والمتشردين وفاقدي الرعاية”.

وأشارت إلى وجود فجوات كبيرة في توزيع الخدمات، ولا سيما في محافظات مثل القنيطرة، التي لا تضم حتى الآن مراكز رعاية متخصصة.

وأكّدت أنّ الوزارة تعمل على بناء ثقافة جديدة في التعامل مع الفئات المتضررة، قوامها تجاوز الإغاثة نحو التنمية، بحيث يتحوّل المستفيد من الخدمات إلى فاعل اقتصادي واجتماعي ومنتج ضمن مجتمعه.

وفي رسالتها للمجتمع السوري، قالت الوزيرة: “رغم كلّ التّحدّيات من عقوبات وبيروقراطية واهتراء إداري، لدينا فرص حقيقية لقلب الموازين، فالشباب السوري أثبت قدرته في الداخل والخارج، وعلينا اليوم أن نُوجّه الاهتمام الدولي المتزايد إلى مسار التنمية والاستقرار”.

وختمت الوزيرة حديثها، بدعوة السّوريين إلى المشاركة الفاعلة في صياغة المرحلة القادمة، مؤكدةً أنَ “أبواب الوزارة مفتوحة، وسوريا تستحق أن نبنيها بكل ما نملك من إرادة وعمل وإبداع”.