الجمعة 4 ربيع الآخر 1447 هـ – 26 أيلول 2025

الذكرى الـ13 لمجزرة حيّي الجورة والقصور في دير الزور.. ناجون يروون للإخبارية بعضاً من تفاصيلها الدامية

مجزرة الجورة والقصور

يحيي أهالي دير الزور اليوم الخميس ذكرى المجزرة التي أودت بحياة مئات المدنيين في حيّي الجورة والقصور.

ويروي الشهود مشاهد إعدامات وحرق وذبح خلّفت ندوباً عميقة في ذاكرة المجتمع، لا يزال أثرها حاضراً لدى ذوي الضحايا حتى اليوم.

وتؤكد الشهادات أن النظام البائد اعتمد نهجاً منظماً بإشراك عدة ألوية ومجموعات عسكرية ومفارز أمنية في تنفيذ المجزرة التي شبقها قصف مدفعي واقتحام لحييّ الجورة والقصور في مدينة دير الزور.

فصول المجزرة

يفتتح الشهود روايتهم عن الأحداث من حيّي الجورة والقصور عندما بدأت عمليات الاقتحام الأولى.

ويقول فرحان العسكر وهو أحد الناجين لموقع الإخبارية إن المربع الأمني في المنطقتين ضمّ مقرات الأمن العسكري والاستخبارات الجوية والشرطة العسكرية والجيش الشعبي وأمن الدولة إضافة إلى اللواء 137 ومعسكر الطلائع الذي تجمعت القوات به وحولته إلى قاعدة انطلاق لعمليات الإبادة.

وأوضح العسكر أن القوات المقتحمة خططت للسيطرة على الأحياء المعارضة وبدأت بتنفيذ إعدامات ميدانية في 25 أيلول من العام 2012، فيما جرى اعتقال آخرين وإحراق عشرات الجثث من قبل عناصر قوات النظام البائد.

وأضاف أن الأهالي عثروا بعد المجرة على جثث محروقة لم يتمكنوا من التعرف عليها، لافتاً إلى أنّ حصيلة الضحايا حينها تجاوزت 560 معظمهم من الشباب دون الأربعين.

سوق الجاز

وتكشف روايات الشهود تفاصيل اقتحام حي الجورة وكيف تحولت منطقة سوق الجاز إلى مسرح دموي.

ويروي العسكر أن رئيس اللجنة الأمنية حينها كان محافظ المدين سمير الشيخ الذي وضع خطة اقتحام من ثلاثة محاور هي الشارع الرئيسي وشارع الوادي وشارع السجن.

وأطلق الأهالي على المجزرة أسماء مثل “مجزرة الكاس” و”مجزرة سوق الجاز”، نسبة لموقع المجزرة، إذ جمع عناصر النظام البائد المدنيين أمام أحد أفران الخبز وأحرقوهم، كما أعدموا عمال الفرن بطرق وحشية.

وأكد العسكر أن الحملة العسكرية تطورت بعد انطلاقها بعدة ساعات لتشمل حي القصور ومناطق شمال الجورة.

انتقام جماعي

لا مبررات للجريمة، ولا منظومة الإجرام التي حكمها الأسد الهارب دافعاً لتنفيذ الجريمة، إنما توضح شهادات صحفيين من أبناء المحافظة دوافع النظام البائد السياسية والأمنية وراء ارتكاب المجزرة.

وفي حديث خاص لموقع الإخبارية قال الصحفي فراس علاوي إن المجزرة جاءت كرد فعل مباشر من قبل النظام المخلوع على تصاعد المظاهرات السلمية التي عمّت أحياء المدينة، مشيراً إلى أن أعداد المحتجين تجاوزت عشرات الآلاف ووصلت في بعض الأيام إلى مئات الآلاف.

وأوضح علاوي أن التوسع الشعبي جعل النظام يشعر بانفلات السيطرة على دير الزور، فقرر استخدام القوة المفرطة لإعادة فرض قبضته، بعدما اعتبر ملامح سيطرة الثوار تهديداً لسلطته.

وأضاف أن الحملة حملت طابع الانتقام الجماعي إذ جمعت بين قصف مدفعي واسع وعمليات اقتحام واعتقال وتصفيات ميدانية لقطع أي اتصال بين الأهالي والمناطق المحررة.

نساء وأطفال بين الضحايا

تؤكد تقارير حقوقية أن قوات النظام البائد اعتمدت الرصاص أداة رئيسية في تصفية المدنيين بعد الاعتقال.

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اقتحام الحي بعد قصف مدفعي تلاه دخول مدرعات نفذت تمشيطاً واسعاً واعتقالات، منوهةً إلى اقتياد معتقلين بينهم أطفال إلى الساحة العامة وتعذيبهم قبل إعدامهم رمياً بالرصاص وسط شعارات طائفية.

وأشار تقرير الشبكة الحقوقية إلى قيام قوات النظام البائد بإعدام أشخاص آخرين في شوارع متفرقة.

ووثقت الشبكة في تقريرها مقتل 192 شخصاً بينهم 12 امرأة و7 أطفال، مع اكتشاف جثث بعد أسابيع وبعضها محترق بالكامل.

الانتقام من الحاضنة الشعبية

وقعت مجزرتي الجورة والقصور في أيلول 2012 بعد أشهر من اندلاع الثورة السورية، إذ شهدت الأسابيع التي سبقت المجزرة خروج مظاهرات ضخمة طالبت بالحرية والكرامة واسقاط نظام الأسد.

وارتكبت قوات النظام البائد في تلك الفترة مجازر مماثلة في حمص وحماة ودرعا، لتكون مجازر دير الزور جريمة حرب ممنهجة ومخطط لها بشكل أمني ضمن نهج متكرر اعتمده نظام الأسد المخلوع لإخماد الثورة السورية بأساليب القمع الدموي والإرهاب.