قدّم عضوان من مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون جديد يهدف إلى تفكيك البنية التشريعية الأساسية للعقوبات الاقتصادية الأمريكية على سوريا، والتي تجذرت في القانون الأمريكي على مدى أكثر من عقدين.
ويركز المشروع على إلغاء قانونين محوريين هما: “قانون محاسبة سوريا لعام 2003” و “قانون حقوق الإنسان في سوريا لعام 2012″، اللذين شكّلا مع قانون قيصر لاحقاً ما يعرف بـ “البنية المتعددة الطبقات للعقوبات” التي شلّت الاقتصاد السوري.
عقوبات متجذرة تتحدى الإلغاء الفوري
على الرغم من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً برفع العقوبات عن سوريا سابقاً، فإن تأثير ذلك القرار بقي محدوداً بسبب تجذر هذه العقوبات في تشريعات متعددة أقره الكونغرس على مراحل، مما جعل إلغاءها الكامل يتطلب إجراءات تشريعية جديدة، وليس قرارات تنفيذية فحسب.
فك العقدة التشريعية
يمثل المشروع الحالي محاولة لتفكيك هذه العقدة طبقةً تلو الأخرى، حيث يعود قانون محاسبة سوريا لعام 2003 إلى فترة سياسية مختلفة فرضت عقوبات قطاعية أدت إلى هروب رؤوس الأموال وانسحاب الشركات الأمريكية الكبرى من السوق السورية، ما تسبب في شلل تطوير قطاع الغاز وتراجع الأسطول الجوي وانهيار فرص الاستثمار الأجنبي.
أما قانون حقوق الإنسان لعام 2012 فقد جاء كردّ على الأحداث التي شهدتها سوريا، حيث حظر تصدير التكنولوجيا الحساسة وربط سوريا تشريعياً بالملف الإيراني، ويعتبر إلغاء هذا القانون خطوة نحو فصل المسارين السوري والإيراني في التشريع الأمريكي.
تحوّل تدريجي في السياسة الأمريكية
لا تأتي هذه الخطوة من فراغ، بل تتزامن مع إصدار وزارة التجارة الأمريكية “رخصة السلام والازدهار السورية”، وهي استثناء جديد يهدف إلى إعادة تفعيل محدود للصادرات إلى سوريا.
ويشير هذا المسار المتوازي (تشريعي وتنفيذي) إلى تحوّل استراتيجي تدريجي في السياسة الاقتصادية الأمريكية، يسعى إلى إعادة دمج سوريا في سلاسل التوريد العالمية وشل النفوذ الإيراني من خلال فتح قنوات اقتصادية بديلة.
ويعدّ هذا التشريع مقدمة محتملة لإجراءات أكبر، مثل إزالة سوريا من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، مما قد يمهد الطريق لانتقال اقتصادي في سوريا بغطاء قانوني جديد، وينهي عقوداً من العزلة الاقتصادية.



