شهد اليوم العاشر من معركة ردع العدوان تقدماً سريعاً للثوار في محافظة درعا، سيطرت بموجبه على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وذلك بعد تشكيل “غرفة عمليات الجنوب” التي أطلقت معركة “كسر القيود” في المنطقة.
تزامن ذلك مع تقدم لقوات إدارة العمليات العسكرية وتوسيع سيطرتها في ريف حمص الشمالي وسط انسحابات وانهيارات في صفوف قوات النظام البائد في ريف حماة الجنوبي، وفي محافظتي دير الزور وريف دمشق.
وسيطرت غرفة عمليات الجنوب على42 بلدة وموقعاً للنظام البائد في محافظة درعا، منها 6 مخافر حدودية، كما سيطرت فصائل من السويداء على السجن ومبنى حزب البعث وسرية حفظ النظام وطالبت النظام البائد بالانسحاب من المربع الأمني في مدينة السويداء.
وشكلت السيطرة على معبر نصيب أول وصول للفصائل إلى الحدود مع الأردن، ما طرح التساؤلات حينها حول عمل هذا المعبر البري الوحيد بين البلدين
افتتاح جزئي
قبيل التحرير، أعلن الأردن إغلاق معبر جابر (الجانب الأردني من معبر نصيب) بسبب الظروف الأمنية المحيطة في الجنوب السوري، على أن يتم السماح للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى داخل البلاد، فيما ستمنع حركة المرور للمغادرين إلى الأراضي السورية.
وعقب أقل من شهر واحد، أعلن مدير معبر نصيب خالد البراد في 31 كانون الأول 2024، أنه بعد التنسيق بين الجانبين السوري والأردني، تم السماح للسوريين واللبنانيين بالمرور ترانزيت إلى دول الجوار، لتكون هذه الخطوة كأول اعتراف رسمي بالدولة السورية الجديدة.
وقال البراد حينها: “أسفرت المباحثات عن السماح لأهلنا السوريين والأشقاء اللبنانيين بالمرور ترانزيت براً أو جوا إلى دول الجوار، شريطة حيازتهم على إقامات سنوية سارية المفعول أو تأشيرات تخولهم دخول الأردن اعتباراً من الأول من كانون 2025”.
افتتاح كامل
واستمر الأمر على ما هو عليه حتى إعلان التلفزيون الأردني، في 17 آذار الماضي، بأن معبر جابر الحدودي مع سوريا سيُفتح أمام حركة العبور بين البلدين على مدار اليوم، وشهد المعبر حركة نشطة فيما بعد ولمس المسافرون تغييراً واضحاً من حيث الأمور التقنية والفنية والخدمية.
وأوضح مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش، أن التحديات التي واجهت عملية إعادة تنظيم وتطوير معبر نصيب كانت معقدة ومركبة، فالبنية التحتية تضررت بشكل واسع نتيجة سنوات الحرب وغياب التجهيزات التقنية.
وبين علوش في تصريحات صحفية أن التطوير تطلب أيضاً إعادة تأهيل الكوادر البشرية بما يتناسب مع حجم المهام الجديدة، إضافة إلى تجاوز التحديات اللوجستية المرتبطة بضغط حركة العبور واستمرار العمل من دون توقف خلال تنفيذ المشاريع.
شريان رئيسي
وحول أهمية إعادة فتح معبر نصيب، يقول المحلل والصحفي عامر عبد الحي، إن المعبر يعد أحد أهم المنافذ البرّية في المنطقة، لكونه شرياناً رئيسياً لحركة المسافرين والبضائع بين سوريا والأردن ودول الخليج العربي، وواجهة تعكس صورة سورية الجديدة بعد سنوات الحرب والنزوح.
ويؤكد عبد الحي في حديثه لموقع الإخبارية أن المعبر يمتلك أهمية استثنائية نظراً لحجم الجالية السورية المقيمة في الأردن ودول الخليج، إذ تشير بيانات مفوضية اللاجئين إلى وجود أكثر من 650 ألف لاجئ سوري في الأردن، كما تقدّر أعداد السوريين في المملكة العربية السعودية بنحو 449 ألف سوري مسجلين وفق تعداد 2022، بينما تذهب تقديرات أخرى إلى وجود أكثر من 2.5 مليون سوري من مرافقين وعاملين وزائرين، أما دول الخليج الأخرى، مثل الإمارات وقطر والكويت، فتستضيف مئات الآلاف من السوريين.
اعتراف بالواقع السياسي الجديد
ويبين عبد الحي أن إغلاق المعبر خلال عملية التحرير لمدة يومين أدى إلى تكدس آلاف السوريين وهم ينتظرون العودة إلى بلدهم بلهفة، وكانت مشاهد الانتظار مؤثرة وتعكس عمق الشوق للعودة بعد سنوات الفراق.
ويشير عبد الحي إلى أن إعادة فتح معبر نصيب كان بمثابة إعلان عملي وواقعي عن استعادة الدولة السورية الوليدة السيطرة على حدودها، وعن بدء مرحلة جديدة من الاعتراف بالواقع السياسي الجديد واستعداد البلاد لفتح أبوابها أمام أبنائها في الداخل والخارج، واعتبر ذلك خطوة إيجابية من قبل الأردن الشقيق تجاه الدولة السورية الجديدة وكذلك الأمر بالنسبة لدول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية التي تحتضن ما يقارب مليونين ونصف مواطن سوري.
عنوان لمرحلة جديدة
وعن الافتتاح بحلته الجديدة والراقية، يقول إنها صورة مشرقة لسوريا الجديدة وتغيير لافت في أسلوب عمل الكوادر البشرية الجديدة للمعبر والتي تميزت بالبشاشة والترحيب والمساعدة لكبار السن والاحترام للمواطن والزائر، حيث بات المسافر يسمع عبارات: “أهلاً وسهلاً” –”عوداً حميداً”– “الحمد لله على السلامة” بدلاً من مشاعر القلق والخوف التي كانت ترافق العابرين سابقاً، وهذا ما جعل كثيرين يرددون المثل الشعبي: “المكتوب مبين من عنوانه”.
وأكد أن معبر نصيب أصبح عنوان المرحلة جديدة، ويعد أكثر انفتاحاً وإنسانية واحتراماً لكرامة الناس، ومحور قصص إيجابية تتناقلها الناس عن التغيير الكبير والإيجابي من تسهيل للإجراءات بيسر وسرعة دون مقابل، وسط غياب مظاهر الفساد والابتزاز التي كانت تشكل هاجساً للمسافرين.



