قدّم وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى قراءة شاملة للرسائل السياسية والوطنية التي يحملها الشعار الجديد للدولة بعد إطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية، مؤكّداً أن ما جرى لم يكن مجرد تعديل شكلي، بل خطوة مدروسة ضمن مسار أوسع لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع.
وركّز الوزير المصطفى في لقاء مع الإخبارية على رمزية الشعار الجديدة بوصفها تعبيراً عن تحوّل مفاهيم في بنية الدولة، مشيراً إلى أن الهوية البصرية جاءت تتويجاً لرغبة وطنية في تجاوز رموز ارتبطت بمرحلة عنيفة من تاريخ سوريا، وتعكس في الوقت ذاته صورة الدولة الحديثة التي تحمي الحريات وتشارك المواطن في القرار.
ويتّضح من حديث المصطفى أنّ وزارة الإعلام تعمل على تطوير خطابها المؤسسي، وتعزيز حضورها في الشأن العام، من خلال مشروعات إعلامية كبرى، وتوجه منفتح نحو الإعلام المستقل، ومواقف معلنة تجاه ملفات طالما ظلت مؤجلة، من حرية النشر إلى الهامش السياسي، وصولاً إلى العدالة بين المركز والأطراف.
الدولة الحارسة
أكّد وزير الإعلام أن الهوية البصرية الجديدة جاءت انعكاساً لرغبة شعبية في تجاوز الرموز القديمة التي قال إنها ارتبطت في أذهان السوريين بعنف النظام البائد.
وأضاف أن فريق التصميم استحضر رموزاً تمثل محل إجماع وطني، وتُعبّر عن مفهوم الدولة الحارسة التي لا تتدخل في حياة الناس بل تضمن لهم الحريات وتشاركهم القرار.
وقال المصطفى: “أردنا في الهوية الجديدة إيصال رسالة أن الدولة حارسة للشعب وليس دولةً تدّخلية”، مضيفاً أن “الشعار يظهر فكرة الدولة الحارسة التي تعطي الشعب حريته وتشاركه بدل أن تقصيه”.
وأوضح أن هذه الرموز تعكس توجه سوريا لتبقى “دولة حرة ومستقرة وموحدة”، مشيراً إلى أن “الشباب الذين تطوعوا لعمل الهوية البصرية الجديدة للدولة هم من أصحاب الخبرات”، وأن الهدف من الاحتفال بإطلاق الهوية هو “الاحتفاء بمجهود فريق التصميم وتقديم منجزهم للناس”.
المشاركة السياسية
تحدث الوزير المصطفى عن التحول الكبير الذي شهده الوعي السياسي للسوريين بعد الثورة، قائلاً: “أول انخراط حقيقي للشعب السوري بالعمل السياسي والشأن العام حدث بعد الثورة”.
وأضاف أن الدولة تعمل على تصحيح المفاهيم المرتبطة بالعقاب قائلاً: “العقاب حتى في شكله الحالي كان موجوداً دائماً في تاريخنا ولم نستورده من الخارج”.
ولفت إلى أن النظام السابق “استثمر في الانقسام الاجتماعي وخطاب الكراهية كأداة لبقائه”، مؤكداً أن حملات التضليل التي تستهدف البلاد تشمل “اثنين وخمسين ألف حساب وهمي على فيسبوك ينشط في حملات الشائعات ضد الدولة”.
وحول الأداء الإعلامي، أشار المصطفى إلى أن قناة الإخبارية السورية “قدّمت نموذجاً إعلامياً مختلفاً يتقبل النقد والمعارضة”.
حرية الرأي والتعبير
أوضح المصطفى أن الوزارة اتخذت خطوات عملية لتكريس حرية الصحافة، مشيراً إلى أن “حماية حرية الإعلام في سوريا تثبتها الممارسة وليس التصريحات”، ومشدداً على أن “هامش حرية الصحافة الحالي في سوريا غير مسبوق، وهذا ما ضحى من أجله السوريون”.
وشدّد وزير الإعلام على ضرورة تطوير البنية الإعلامية الرسمية، قائلاً: “الإعلام الرسمي له دوره لكن سيترك المجال أيضاً للإعلام الخاص والإعلام المستقل”، مؤكداً أن الحكومة قبلت أن تكون تحت الرقابة الإعلامية لأن “الإعلام قد يكون متعباً لكن غيابه كارثة”.
وأضاف: “نسعى لأن تكون سوريا مقراً لصناعة الإعلام ولإيجاد البنية التحتية اللازمة لذلك”، مشيراً إلى أن البلاد “تسعى لأن تكون نقطة جذب إقليمي لشركات الإنتاج الفني الدولية”، وتشجع “وسائل الإعلام العالمية على فتح مكاتب لها وممارسة نشاطها في سوريا”.
وكشف عن خطط لإعادة هيكلة الإعلام داخل الوزارات قائلاً: “نعمل على إعادة هيكلة الإعلام ضمن الوزارات ليكون قادراً على التواصل مع الجمهور”.
مشروع بوابة دمشق
ووصف وزير الإعلام مشروع “بوابة دمشق” بأنه “مدينة للإنتاج الدرامي والإعلامي إلى جانب كونها مدينة سياحية”، مضيفاً أن المشروع “سيساهم في استقطاب الكفاءات السورية المهاجرة إلى الخارج”.
وأوضح أن الإنجاز الفعلي سيبدأ خلال ثلاث سنوات ويكتمل تماماً خلال خمس سنوات، مؤكّداً أن المشروع جزء من رؤية أشمل لتقديم البلاد بصورة مهنية وحديثة.
وبيّن المصطفى أن الوزارة استقبلت خلال الأشهر الستة الماضية “ألفاً وستمئة وفد إعلامي أجنبي”، في خطوة تؤكد الانفتاح الإعلامي على العالم.
الحضور الوطني
أكّد المصطفى أنّ الحكومة كافة معنية بتقديم الخدمات لكامل الأراضي السورية، مشيراً إلى أنّ مسألة “المركز والأطراف” التي عانى منها السوريون في عهد النظام البائد لن تبقى قائمة.
وقال إن “مشكلة المركز والأطراف كانت حاضرة دائماً ونسعى اليوم لعدم تهميش أي منطقة”.
ولفت إلى أن إشهار الهوية الجديدة رافقه شعور بالغصة بسبب المحافظات التي تسيطر عليها ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، موضحاً أن “أهالي المنطقة الشرقية عانوا كثيراً من ممارسات النظام وتنظيم داعش”.
وختم الوزير بالقول: “ليعذرنا إخواننا في المنطقة الشرقية وسنعمل على إيصال أصواتهم بشكل أفضل”، مؤكداً أن الحكومة “تسعى لتقديم البلاد ليس بصورة جديدة وإنما بواقع جديد لا يقارن بما كان”.