في ظل الجهود الحكومية الحثيثة لتحسين واقع الخدمات للمواطنين تبدأ سوريا اليوم، السبت 2 آب، باستقبال 4 ملايين متر مكعب من الغاز الأذربيجاني يومياً عبر الأراضي التركية إلى محافظة حلب لتوليد نحو 900 ميغاواط من الكهرباء.
يأتي ذلك بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في 12 تموز الماضي بين وزير الطاقة محمد البشير وشركة “سوكار” لتوريد الغاز الطبيعي، وذلك خلال زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى أذربيجان مع وفد حكومي.
وأعلن البشير أواخر الشهر الماضي أن الخطوة تأتي في إطار التعاون المشترك لدعم قطاع الطاقة في سوريا، وستسهم بشكل مباشر في تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية وتوفير إمدادات أكثر استقراراً للمواطنين.
مراحل تحويل الغاز إلى كهرباء
حول مراحل تحويل الغاز إلى طاقة كهربائية، أوضح مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء خالد أبو دي لموقع الإخبارية أنه في المرحلة الأولى من التنفيذ سيتم ضخ الغاز في 2 آب على شبكة الغاز، والبدء بتحويل إنتاج الكهرباء في محطة توليد حلب الحرارية من الاعتماد على الفيول إلى الاعتماد على الغاز، ومن ثم حتى 7 آب سيتم دعم الشبكة العامة بقدرة مضافة تتراوح بين 500 إلى 700 ميغاواط، وذلك لحين تأمين وصول الغاز الأذربيجاني إلى المنطقة الوسطى.
وتابع موضحاً: “مع وصول الغاز إلى المنطقة الجنوبية يمكن أن يزيد الإنتاج بالاعتماد على الغاز الأذربيجاني ليصل إلى 800 ميغاواط، وستوزّع وفقاً لخطة تشغيلية مدروسة تهدف إلى تقليص الفجوة بين الطلب والتوليد، مع مراعاة التوازن بين المناطق ذات الأحمال العالية وتلك التي عانت من ضعف التغذية سابقاً”.
توزيع على مبدأ العدالة والاحتياج الفعلي
حول توزيع الطاقة المنتجة من الغاز الأذربيجاني على المحافظات السورية، قال أبو دي: إن “توزيع الطاقة الناتجة عن الغاز الأذربيجاني سيراعي مبدأ العدالة والاحتياج الفعلي لكل محافظة وفق برنامج توزيع الطاقة المنتجة التي ستوزّع على جميع المحافظات، كون الشبكة في سوريا شبكة حلقية”.
وأضاف أبو دي: أن “المؤسسة العامة للنقل والتوزيع عملت على تأمين الكهرباء بشكل كامل من خلال التوليد الذي يعتمد على الموارد المحلية، وحالياً فإن كامل الزيادة في التوليد من الغاز الأذربيجاني ستتحول بشكل مباشر إلى الأحمال المنزلية، والمتوقّع زيادة عدد ساعات وصول التيار الكهربائي بمقدار 5 ساعات”.
إجراءات لضمان جاهزية الشبكة
ولضمان جاهزية الشبكة، ذكر أبو دي أن المؤسسة عملت خلال الأشهر الماضية على تنفيذ سلسلة من الإجراءات الفنية شملت تأهيل وصيانة محطات التوليد لتكون جاهزة للإنتاج مع توفر الوقود، وكذلك تأهيل وصيانة محطات التحويل في عدد من المحافظات (حلب، حمص، حماة، دمشق، ريف دمشق، إدلب، ودير الزور) لضمان استقرار الجهد.
كما عملت على تأهيل خطوط النقل الرئيسية 230 ك.ف و400 ك.ف، وصيانة جميع الحمايات في محطات التحويل ذات الجهد العالي لضمان موثوقية عالية في عمل المحطات.
وأشار أبو دي إلى أن شركات التوزيع في جميع المحافظات عملت أيضاً على تعزيز شبكات التوزيع، خاصة في المناطق التي كانت تعاني من اختناقات فنية عبر استبدال المحولات ذات السعات المنخفضة بمحولات أكبر وزيادة مقاطع الكابلات وإعادة تأهيل شبكات التوزيع في المناطق التي شهدت عودة للنازحين، وفق الإمكانات المتاحة لدى المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء.
ومن بين الإجراءات الأخرى لضمان جاهزية الشبكة، عملت المؤسسة على إعادة تفعيل فرق الطوارئ في المحافظات لضمان التدخل السريع عند أي خلل ناتج عن تغيير نمط التغذية، بحسب ما قاله أبو دي.
زيادة 4 ساعات وصل
إلى ذلك، أوضح مدير المؤسسة أن زيادة التوليد بالاعتماد على الغاز الأذربيجاني سيسهم في زيادة ساعات وصول التيار الكهربائي بمقدار 4 ساعات، ليكون إجمالي عدد ساعات وصول التيار الكهربائي لجميع المواطنين من 8 إلى 10 ساعات يومياً، مع زيادة تدريجية وفق الإمكانيات الفنية وضمان وصول الغاز للجنوب السوري.
ولفت إلى أن هذه الزيادة ستخضع للتقييم المستمر حسب استقرار واردات الغاز واستجابة الشبكة.
وعن الانخفاض المتوقع في تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الغاز الأذربيجاني، أوضح أبو دي أن ذلك سيؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج الكيلوواط الساعي بنسبة تقديرية تتراوح بين 25 بالمئة إلى 35 بالمئة، مقارنة باستخدام الفيول لنفس المجموعات التي تعمل على النوعين من الوقود.
وذكر أن الغاز الطبيعي يتميز بكفاءة احتراق أعلى وانخفاض الفاقد الحراري، ويسهم في تقليل تكاليف الصيانة للمجموعات التوليدية بسبب انخفاض نسبة الرواسب والاحتكاك، مشيراً إلى أن هناك ارتفاعاً في تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب انخفاض مردود عمل محطات التوليد.
مشاريع مرافقة
ونوّه أبو دي بأنه تم تضمين مشاريع مرافقة ضمن خطة استيعاب الغاز الأذربيجاني، منها إعادة تأهيل محطات توليد زيزون والتيم ومحردة الغازية، بالإضافة إلى إنشاء محطة توليد الطريفاوي بقدرة إجمالية تصل إلى 4000 ميغاواط، وذلك وفق الاتفاقية التي تم توقيعها سابقاً مع شركة UCC.
كما ذكر أنه تم البدء في تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية مع العديد من الشركات، منها العمل على تنفيذ محطات باستطاعة تصل إلى 1000 ميغاواط، لافتاً إلى أن المؤسسة تعمل على توسيع بناء محطات الطاقة الشمسية لتصل إلى إجمالي توليد شمسي حتى 2000 ميغاواط.
وقال أبو دي إن الجدول الزمني لتنفيذ مشاريع محطات التوليد الشمسية يتراوح بين 6 إلى 18 شهراً، حسب كل مشروع.
ومن المشاريع المرافقة الأخرى، إعادة تأهيل خطوط النقل ذات الجهد العالي 400 و230 ك.ف لضمان استقرار الشبكة الكهربائية، واستمرار إعادة تأهيل شبكات النقل والتوزيع.
خطط بعيدة المدى لتعزيز التوليد
وعن الخطط بعيدة المدى لتعزيز التوليد بعد تجربة الغاز الأذربيجاني أكد أبو دي أهمية تنويع مصادر التوليد، مبيناً أن الخطط الاستراتيجية تشمل التوسع في اتفاقيات استيراد الغاز من دول صديقة أخرى لضمان الاستمرارية، وإطلاق مشاريع شراكة مع القطاع الخاص لبناء محطات توليد مشتركة تعتمد على الغاز والطاقة الشمسية (Hybrid Systems)، بالإضافة إلى دراسة فرص الربط الكهربائي الإقليمي مع العراق ولبنان مستقبلاً، ضمن مشروع الربط العربي.
وقال أبو دي في ختام حديثه لموقع الإخبارية :”نعتبر هذه المرحلة محطة مهمة في إعادة بناء المنظومة الكهربائية بشكل كامل، وهي خطوة نحو تعزيز الأمن الطاقي والاستقرار الاقتصادي، ونؤكد التزامنا الكامل بضمان وصول الكهرباء إلى كل مواطن سوري بأعلى مستوى من الكفاءة والمسؤولية، وندعو جميع المواطنين إلى التعاون في ترشيد الاستهلاك للاستفادة المثلى من هذه الموارد”.