قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستعد لإلغاء “قانون قيصر” ورفع العقوبات عن سوريا، قبل اللقاء المرتقب بين ترامب والسيد الرئيس أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم الإثنين المقبل، تمهيداً لمرحلة إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي.
وأوضحت الصحيفة أن مجلس الشيوخ أقرّ بالفعل تشريعاً يقضي بإلغاء القانون ضمن “قانون تفويض الدفاع”، فيما يناقش مجلس النواب حالياً الصيغة النهائية.
وتؤكد مصادر في البيت الأبيض أن رفع العقوبات بات خياراً مدعوماً من الرئيس ترامب شخصياً، لتسهيل عودة الاستثمارات الإقليمية والدولية إلى سوريا، حسب الصحيفة.
خطوات جادة لإلغاء قانون “قيصر”
يقول عضو المجلس السوري – الأميركي زكي لبابيدي في تصريح خاص لموقع الإخبارية، إنّ ما نشرته صحيفة “SETF” حول رغبة البيت الأبيض في رفع العقوبات، ولا سيّما قانون “قيصر” قبل زيارة السيّد الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن، صحيح تماماً.
وأكّد أن المجلس السوري – الأمريكي لديه معلومات قديمة تثبت وجود رغبة جادّة داخل البيت الأبيض، وخصوصاً لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برفع قانون “قيصر” كلياً.
وأوضح لبابيدي أنّ مجلس النواب الأميركي يناقش حالياً هذا الملف، بعد أن قدّم مجلس الشيوخ مشروعاً لإلغاء قانون “قيصر” دون شروط تقريباً، مع الاكتفاء بتقارير دورية يرفعها الرئيس إلى الكونغرس حول التقدّم الذي تحرزه دمشق في ملفات مختلفة.
ورأى أن اللغة التي اعتمدها مجلس الشيوخ في المشروع إيجابية جداً تجاه سوريا، إذ لم تربط رفع العقوبات بأي شروط مسبقة، بل جعلتها خاضعة لمراجعة الرئيس فقط.
وقال إن السفير توم باراك بذل جهوداً كبيرة في هذا الاتجاه، بتنسيق مباشر مع البيت الأبيض، واتصل بعدد من النواب المترددين لحثّهم على تأييد رفع قانون “قيصر” كلياً.
وأشار إلى أن الجالية السورية والمجلس السوري – الأميركي، ومنظمات سورية في الولايات المتحدة، عملت منذ تحرير سوريا على الدفع نحو رفع العقوبات، باعتبار أن قانون “قيصر” يشكّل العقبة الكبرى أمام التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي وجذب الاستثمارات الدولية.
ولفت لبابيدي إلى أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، ماست، لا يزال يعارض هذا التوجّه، إلا أن البيت الأبيض يمكن أن يضغط في هذا الاتجاه، وربما يتدخل الرئيس ترامب شخصياً لإقناع اللجنة بتبنّي موقف مجلس الشيوخ الذي وصفه بأنه “جيد جداً” بالنسبة لسوريا والسوريين.
وشدد على أن العقبة الأبرز خارجياً تتمثل في موقف الكيان الإسرائيلي، الذي يسعى عبر لوبياته في واشنطن للإبقاء على قانون “قيصر” كما هو، خدمةً لمصالحه الخاصة.
مطالب متزايدة لرفع العقوبات
إلى ذلك، أكد لبابيدي أن الأصوات الأميركية الداعية لتغليب المصلحة الوطنية تزداد يوماً بعد يوم، وهو ما يعزّز احتمالات رفع العقوبات قريباً.
وأوضح أن عضوين بارزين في مجلس الشيوخ يدفعان بقوة باتجاه إلغاء القانون، وقد زارا سوريا للاطلاع على الأوضاع بشكل مباشر، الأمر الذي منح هذه الجهود زخماً إضافياً.
وأكد أن المجلس السوري–الأميركي ومستشاريه يواصلون لقاءاتهم اليومية مع أعضاء الكونغرس لحشد الدعم، في حين وجّهت الجالية السورية في واشنطن رسالة مشتركة باسم عدد من المنظمات للمطالبة بإلغاء القانون.
ونوه بالدعم الإقليمي الواسع من السعودية وقطر وتركيا والأردن، التي ترى أن استقرار سوريا شرط أساسي لاستقرار المنطقة، وأعرب عن توقعاته أن يتم رفع العقوبات قبل زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض، أو قبل الذكرى السنوية الأولى لتحرير سوريا من النظام البائد.
اشتراطات إلغاء قانون “قيصر”
قدّم عضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، في 15 أيلول الماضي، تعديلاً على قرار تعليق عقوبات “قيصر” المفروضة على سوريا.
ونص التعديل على أن التعليق لن يكون مطلقاً، بل مشروطاً بسلسلة من الالتزامات الصارمة تفرض على سوريا وتتابع بشكل دوري.
وانقسمت التحالفات بشأن قانون “قيصر” في الكونغرس الأمريكي بين داعم لرفع العقوبات ورافض لها، في وقت تصر إدارة الرئيس دونالد ترامب، ووزارة الخزانة الأمريكية، وغرفة التجارة الأمريكية، وأعضاء من الكونغرس عن الحزب الديمقراطي مثل “جين شاهين وماكسين ووترز، ورشيدة طليب وإلهان عمر وجيمي بانيتا وبراميلا جايابال”، وآخرين من الحزب الجمهوري مثل “جو ويلسون وراند بول وآنا بولينا لونا ومارلين ستوتزمان ولو كوريا وجاك بيرغمان”، بالإضافة إلى عائلات المفقودين الأمريكيين في سوريا، و”المجلس السوري – الأميركي” و”التحالف السوري للسلام والازدهار” و”المنظمة السورية للطوارئ” على إلغاء هذا القانون.
في المقابل هناك أطراف أخرى ترفض إلغاء قانون “قيصر” يعرفون بدعمهم لإسرائيل، مثل “ليندسي غراهام ومارك لولر وكريس فان هولن وبراد شيرمان وبراين ماست”، إلى جانب منظمات داعمة لإسرائيل مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (آيباك)، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، والمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي (JINSA)، والمنتدى الأمني الأمريكي (ASF).
وفي هذا الصدد، أكد لبابيدي أن العقبات الكبرى تأتي من “اللوبي الإسرائيلي” الذي يملك نفوذاً قوياً، إلى جانب عدد من النواب في مجلس النواب، في مقابل موقف مجلس الشيوخ، لافتاً إلى أن العامل الإيجابي هو رغبة الرئيس ترامب والبيت الأبيض في رفع العقوبات، مع ضغوط واضحة في هذا الاتجاه، مؤكداً أن التوازنات السياسية في الولايات المتحدة ستحدد في النهاية مآلات هذا القرار.



