الأحد 22 ربيع الأول 1447 هـ – 14 أيلول 2025

محللون للإخبارية: الرئيس الشرع متمسك بوحدة سوريا ويقود الدولة نحو الاستقرار

رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع

أكد السيد الرئيس أحمد الشرع أن تحرير سوريا في 8 كانون الأول، شكّل نقطة تحول تاريخية للمنطقة، وأن البلاد لن تعود إلى ما كانت عليه سابقاً، وأن العالم فقد الكثير من سوريا خلال العقود الماضية بسبب الانعزال والاضطرابات المستمرة، وشدد على أن المرحلة الحالية فرصة لإعادة ترتيب أولويات الدولة والمنطقة.

وأشار الرئيس الشرع خلال مقابلته الأولى على قناة الإخبارية أمس الجمعة، إلى أن إسرائيل شعرت بالحزن لسقوط النظام البائد، إذ كانت تتوقع أن تظل سوريا ساحة للصراعات الإقليمية، لكنها فوجئت بالتحولات الأخيرة.

وأكد أن دمشق ملتزمة بالاتفاق الأمني مع إسرائيل لعام 1974، وأن المفاوضات مستمرة لإعادة ترتيب الوضع الأمني بما يضمن الاستقرار ويحقق المصلحة الوطنية.

فرصة تاريخية للمنطقة

وفي قراءة أوسع لتصريحات السيد الرئيس، قال الباحث السياسي المتخصص بالصراع العربي الإسرائيلي صالح العبد الله، إن وصف الرئيس الشرع لتحرير سوريا بأنه “فرصة تاريخية للمنطقة” ينبع من الموقع الجيوسياسي والاستراتيجي للبلاد، وتأثيره المباشر على استقرار شعوب المنطقة.

وأشار العبد الله في حديث خاص لموقع الإخبارية، إلى أن استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة وذلك بالنظر إلى موقعها الجيوسياسي والاستراتيجي، ناهيك عن اصطفاف النظام البائد لجانب الحلف الإيراني الساعي لتحقيق طموحات توسعية عرقية في المنطقة العربية باستخدام الدين وحجة مقاومة إسرائيل خلافاً للتوجهات الإقليمية والعربية؛ بالتالي إسقاط النظام فرصة تاريخية لتركيا والأردن ولبنان التي شهدت توجهاً نحو الاستقرار بعيد سقوط النظام مباشرة، إضافة إلى دول الخليج التي أرهقها كبتاغون الأسد.

ورأى أن حديث الرئيس على أن العالم “خسر سوريا خلال العقود الماضية”، فذلك يعكس الطريقة التي كان النظام البائد يدير بها سياسات البلاد، والتي حولت حياة الناس اليومية إلى صراع بين القمع والحرمان، وأبعدت سوريا عن موقعها الطبيعي في المنطقة.

وتابع: “كان النظام البائد وخلال فترة الأسدين نظام عصابة همّها أمران؛ الأول هو فرض السلطة والحفاظ عليها بالقوة، والثاني سرقة خيرات الشعب والدولة، وعليه كان تعامله مع المجتمع الدولي والإقليمي وفق هذا المنظور، وأخرج الدولة السورية من موقعها الاستراتيجي، وبدل الاستفادة من هذا الموقع، كانت نقطة خلاف ومنبعاً للاضطرابات والقلاقل في المنطقة”.

أولوية مصالح الدولة

وعن حديث الرئيس بأن إسرائيل “حزنت على سقوط النظام البائد”، أوضح أن هذا يعكس التغيير في طبيعة السلطة السورية بعد الثورة، حيث أصبحت الدولة تبحث عن مصالحها وتضع أولوية للشعب بدل الانصياع للأجندات الخارجية.

وأشار العبد الله إلى قبول النظام البائد لكثير من التنازلات لقاء الحفاظ على نفسه، ورغم البروباغندا الإعلامية له، إلا أنه كان جهة موثوقة لدى الإسرائيليين، وهذا ما رأيناه من وثائق عُثر عليها عند سقوط النظام تثبت تنفيذه للأوامر الإسرائيلية الأمنية. ولكن اليوم، مع وصول الثورة لقيادة سوريا، وجدت إسرائيل نفسها أمام سلطة تبحث عن مصالح الدولة وتعبر عن طموحات الشعب وترفض الانصياع للأوامر الإسرائيلية، وهذا ما أحزنها وجعلها تبدأ بافتعال المشاكل واستخدام أدواتها ضد الدولة السورية كي لا تصل إلى حالة الاستقرار.

فشل مخطط التقسيم

ويشير العبد الله إلى فشل مخطط تقسيم سوريا الذي كان جزءاً من الاستراتيجيات الإقليمية واصطدم بجهود دعم استقرار الدولة بعد التحرير، وخاصة في الفترة الأخيرة التي سبقت سقوط النظام البائد، حيث واجه حالة اقتصادية كادت تؤدي إلى انهياره، وهذا ما لمسه السوريون بعد تحرير سوريا. وكان النظام البائد مستعداً لأي خيار من أجل بقائه في السلطة، ولو في دمشق والساحل، والتخلي عن مناطق من سوريا، وهذا ما طرحته بعض الجهات أثناء معركة التحرير.

وذكر أن التقسيم كان ولا يزال خياراً مثالياً لإسرائيل لتحافظ على هدوء حدودها مع سوريا، أما الولايات المتحدة الأمريكية، الرامية لإخماد الحروب في العالم، فكان خيار التقسيم مثالياً لولا تحرير سوريا.

وحول اتفاق 1974 الذي تحدث عنه الرئيس، اعتبر العبد الله أن الرسائل التي كان ينوي توجيهها السيد الرئيس هي أن السلطة الجديدة نيتها الاستقرار وبناء الدولة، وليس تصدير الحروب أو خلق مشاكل مع دول الجوار.

ولفت إلى أن ثاني الرسائل المقروءة من حديث السيد الرئيس حول هذه الجزئية، هي احترام مبدأ الدولة والسعي لتحقيق مصالحها، وعدم اتباع الحالة الانفعالية الرامية لتنمية العداءات؛ وهذا ما رأيناه في سياسة الدولة تجاه روسيا، رغم أنها شريك مهم لنظام الأسد، لكن منطق الدولة فرض نفسه في سبيل تحقيق المصلحة السورية، بحسب العبد الله.

البعد البشري والتواصل مع الشعب

من جهته، سلط الباحث السياسي الضوء على البعد البشري في مقابلة السيد الرئيس، مؤكداً أهمية التواصل بين القيادة والشعب، إذ من المهم التواصل بين فترة وأخرى بين القيادة والشعب، وهذا ما يعزز ثقة الشعب بقيادته ويقود نحو النجاح والاستقرار. وكانت هناك توضيحات مهمة أبرزها التفاوض مع روسيا أثناء المعركة، وهذا يزيل غضب الشارع من الدولة التي بدأت تعيد العلاقات مع روسيا في سبيل المصلحة العامة، إضافة إلى رمزية هذه المقابلة التي تشير إلى اهتمام السيد الرئيس أحمد الشرع برأي الشارع السوري، وهذه بادرة خير تؤكدها مقولته: (أنا منكم وأنتم مني).

الالتزام باتفاق 1974 والتحديات الأمنية مع إسرائيل

يؤكد المحلل العسكري والأمني العميد أحمد حمادة أن النظام البائد كان بمثابة الحارس الأمين لحدود الاحتلال الإسرائيلي، وأن اتفاقية عام 1974 منحت إسرائيل حدوداً آمنة براً وبحراً وجواً.
وبيّن حمادة في حديث خاص مع موقع الإخبارية أنّ اللواءين 90 و61 انتشرا في المنطقة، وكانت مهمتهما تقتصر على منع أي تسلل عبر خطوط وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنّ النظام لم يطالب يوماً بتحرير الجولان وظل متماهياً مع الموقف الإسرائيلي، وهو ما قصده السيد الرئيس في تصريحاته الأخيرة.

وأشار حمادة إلى أنّ دعوة الحكومة السورية لعودة قوات الأوندوف إلى مواقعها السابقة تعني العودة إلى اتفاقية 1974، التي أُبرمت في جنيف برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة، بهدف وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية.

حماية الحدود واستقرار المنطقة

ويرى حمادة أنّ القصف الإسرائيلي المستمر على المواقع المدنية والعسكرية بعد سقوط النظام السابق جاء بهدف منع الدولة السورية الجديدة من امتلاك عناصر قوة أو مواقع استراتيجية أو أسلحة نوعية، لافتاً إلى رغبة إسرائيل في إبقاء سوريا ضعيفة.

وأوضح أنّ توقيع أي اتفاق أمني أو عسكري مع إسرائيل، سواء بتعديل اتفاقية 1974 أو بتثبيتها، من شأنه أن يضمن هدوء خطوط وقف إطلاق النار، مؤكداً أنّ ما طرحه السيد الرئيس الشرع يهدف إلى تحقيق حدود آمنة وهادئة مع الجميع، ليتاح للدولة السورية التفرغ للبناء والاستقرار الاقتصادي والأمني بعد حرب مع النظام البائد.

وأضاف الخبير الأمني أنّ إسرائيل لجأت إلى القصف بذريعة عدم معرفتها باتجاهات الحكومة السورية الجديدة، متذرعةً أحياناً بحماية الأقليات، وأحياناً أخرى باتهام الحكومة بالتطرف أو معاداة إسرائيل، معتبراً أنّ إسرائيل لا تريد السلام، بل تسعى إلى إبقاء سوريا مفككة وضعيفة.