الاثنين 14 ذو القعدة 1446 هـ – 12 مايو 2025
دمشق
Weather
°27.5

تحركات حكومية حثيثة لحفظ أمن طلاب محافظة السويداء

وسائل نقل لطلاب محافظة السويداء إلى الجامعات

خاص | الإخبارية
سعت الحكومة السّورية إثر التوترات الأمنية الأخيرة في منطقتي جرمانا وصحنايا بريف دمشق وفي محافظة السويداء، وما تبعها من إشاعات حول إجلاء طلاب من أبناء المحافظة من الجامعات السورية، لمواجهة تلك الإشاعات التي تستهدف التجييش الطائفي وزعزعة الثقة بمؤسسات الدولة.

وأكّدت الإجراءات الحكومية المتخَذة على ضرورة تأمين نقل الطلاب من و إلى الجامعات بسلامة وأمان، ودعمهم نفسياً وتعليمياً لضمان استمرار مسيرتهم الأكاديمية، والعمل على تعزيز التعاون بين الأهالي والأجهزة الأمنية لضبط الأوضاع، وملاحقة مثيري الفتن قانونياً لمنع استغلال الأوضاع التّعليمية.

الطلاب جزء من الحل
وقال الباحث والسّياسي كمال السّعدي، لـ “الإخبارية“: “يجب دعوة الطلاب للعودة إلى جامعاتهم بعد تأمين وسائل نقل لهم من السويداء إلى الجامعات تحت حراسة الأمن العام”.

واقترح السّعدي تشكيل لجان من الطلاب في الجامعات تكون مهمتهم التواصل مع مسؤول الأمن العام بفرع الجامعة، وكذلك الإبلاغ عن أي طالب يحرّض على الفتنة سواء في الجامعات أم في السكن الجامعي.

وأكد الباحث على ضرورة العمل يداً بيد بين جميع أطياف المجتمع السوري لبناء سوريا الجديدة، وللقضاء على فلول النظام البائد، مشيراً إلى أن القضاء على الإرهاب لا يكون فقط بالسلاح، وإنما بمحبة السوريين لبعضهم وتجاوزهم للصغائر وعدم التفاتهم لفيديوهات مفبركة وترويجها.

تشكيل لجان طلابية
ومنذ انتشار الإشاعات على خلفية التوترات الأمنية الأخيرة، بدأت الحكومة بالتحرك لمواجهتها بالتعاون مع وجهاء وفصائل محلية في السويداء.

إذ بحث وزيرا الداخلية أنس خطاب، والتعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي، مع لجنة المتابعة في محافظة السويداء بحضور المحافظ مصطفى البكور، موضوع استكمال العملية التعليمية الجامعية للطلاب المنقطعين عنها بسبب الظروف الأمنية الأخيرة.

وفي حديث خاص لقناة الإخبارية قال عضو لجنة المتابعة في محافظة السويداء جمال درويش إنّ اللقاء تضمّن تشكيل مجموعات من الطلبة في الجامعات، لمعالجة أي تصرّف غير قانوني، إضافة إلى تعويض الفاقد التعليمي عند الطلبة الذين اضطروا إلى مغادرة جامعاتهم.

وأوضح أن الاجتماع تمخّض عن تجريم الخطاب الطائفي، واتخاذ عقوبات صارمة بحق من يدعو إلى الطائفية

كما قرر المجتمعون السماح لطلاب الدراسات العليا، التواصل وإجراء مفاضلات القبول عن بعد “أون لاين”.

أمن الطلاب أولوية حكومية
وأبدى وزير التعليم العالي استعداده بالتعاون مع محافظ السويداء ووزارة الداخلية لإعادة الطلاب والطالبات وحمايتهم، متعهداً أن تبقى الجامعات منارة للفكر وحامية للتنوع الذي تفخر به سوريا.

وشدد وزير الإعلام حمزة المصطفى على أنّ أمن وسلامة الطلبة داخل الحرم الجامعي يمثلان “أولوية قصوى لا تقبل التهاون أو التساهل”، لافتاً إلى أنّ الوزارة تعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة لترسيخ بيئة تعليمية مستقرة وآمنة تضمن كرامة الطالب الجامعي وتعزز من قُدراته في مناخ من الطمأنينة والثقة.

وأكد المصطفى في تغريدة نشرها على حسابه في منصة X استعداد الحكومة لتأمين عودة طلاب محافظة السويداء إلى جامعاتهم وتأمين الحماية لهم.

ادعاءات مضللّة
مدير المدينة الجامعية في دمشق عمار الأيوبي، أكّد لـ “الإخبارية” أن الادعاءات حول قيام إدارة السكن الجامعي بإجلاء قسري أو طرد طلاب من السكن الجامعي، هي ادعاءات غير صحيحة، وذلك عقب تداول مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوراً يزعم “إجلاء قسرياً” لطلاب محافظة السويداء في جامعة دمشق من المدينة الجامعية في منطقة المزة، مرفقة بعبارات تحريضية وادعاءات مضللة.

وقال الأيوبي حينها إنّ المقطع المصور الذي انتشر الخميس 8 أيار، سُجّل قبل نحو 10 أيام؛ أي في اليوم الذي تلا انتشار تسجيلات صوتية مسيئة للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- وقبل الأحداث الأمنية الأخيرة في جرمانا وصحنايا.

كما أكد محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور في وقت سابق أن حقوق طلاب محافظة ‏السويداء وغيرها من المحافظات، ‏والحفاظ على ‏كرامتهم داخل الجامعات، ‏مضمونة، ويمنع أي تعدٍّ عليهم تحت أي ظرف كان. ‏

واعتبر البكور أن ما يُتداول من إشاعات وتجييش يهدف إلى زرع ‏الخوف أو الفتنة، داعياً الجميع ولاسيما وسائل الإعلام وروّاد الفضاء ‏الرقمي، إلى تحرّي الدقة، وعدم الانجرار خلف الأخبار المُضلّلة التي تهدف ‏للنيل من وحدة المجتمع السوري، ومؤكداً أنه سيتم اتخاذ ما يلزم لحماية ‏الطلاب، والدفاع عن حقهم في التعلم بأمان وكرامة.‏

و كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، الأحد 11 أيار، عن نشاط منّظم لحسابات إلكترونية تبثّ محتوى تحريضياً بين الطوائف في سوريا.

وبحسب التحقيق، استخدمت هذه الحسابات مصطلحات طائفية مسيئة في أكثر من 50 ألف تعليق، تضمّن بعضها دعوات صريحة للقتل واتهامات جماعية لفئات من السُّوريين بأنّهم “عصابات” و”مجرمون”.

وأكّد التحقيق أن هذه الحسابات تتبع نمطاً متماثلاً في النشر، وتلجأ إلى تكرار المنشورات في فترات زمنية قصيرة لإغراق المحادثات بخطاب كراهية ممنهج. كما أنّ عدداً منها يستخدم أسماء عشوائية تتكوّن من مزيج من الأرقام والحروف، ما يُرجّح أنّها حسابات وهمية أُنشئت بهدف التضليل والتحريض.

مساعٍ حكومية للتهدئة
يذكر أنه بعد انتشار التسجيل الصوتي المسيء لمقام الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم- أكدت وزارة العدل على أهمية اللجوء إلى القضاء كسبيل مشروع لمحاسبة المجرمين ومثيري الفتن وذلك من خلال الإجراءات القانونية المعمول بها.

ونفى الشيخ مروان كيوان، حينها، علاقته بالتسجيل الذي نُسب إليه، مؤكداً أنَّ الهدف منه هو زرع الفتنة بين مكوّنات المجتمع السُّوري، وهو ما أكدته وزارة الداخلية في بيان لها.

ويُظهر تحقيق هيئة الإذاعة البريطانية أنَّ منشورات التحريض انطلقت بدايةً من حسابات داخل سوريا، ثمّ أُعيد تضخيمها من حسابات خارجية، وسط حملات تضليل مُمنهجة تخدم أجندات إقليمية، وفقًا للباحث رسلان تراد.

وأشار الباحث، تراد، إلى أنَّ الانقسامات الطائفية والسياسية باتت مهيمنة على الخطاب الرقمي في سوريا، ولا سيما بعد سقوط النظام البائد، وسط دعوات نحو الفيدرالية وحماية الأقليات، في مقابل دعوات رسمية متكررة للتأكيد على وحدة المجتمع السُّوري.

اتفاق بين الحكومة ومشايخ العقل
وعلى إثر الأحداث الأمنية التي وقعت في جرمانا وأشرفية صحنايا والسويداء، تم التوصل إلى اتفاق بين ممثلي الحكومة السورية ومشايخ العقل في السويداء.

وقال الشيخ يوسف جربوع حينها إنه تم الاتفاق على عدد من البنود أبرزها أن يكون عناصر الأمن العام في محافظة السويداء من أبنائها حصراً، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وتحت إشراف موفد من الوزارة.

بدوره، أشار الشيخ الحناوي إلى أن الاتفاق نصّ على تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية من أبناء المحافظة، لافتاً إلى أنّ هذه البنود لاقت قبولاً من المسؤولين، مع وعود بتنفيذها لما لها من أثر في ترسيخ الأمن والاستقرار، وبث الطمأنينة بين الأهالي، وتسهيل إنجاز المهام التي تسهم في بناء الدولة.

وطالب الشيخ جربوع بتشكيل لجان تحقيق لتقصي الحقائق حول الأحداث التي جرت في ريف دمشق وأطراف السويداء، بينما شدد الشيخ الحناوي على ضرورة المحاسبة ووضع حد للتعديات، مؤكداً أنّ حقوق وكرامة ودماء وأموال السوريين يجب أن تُصان.

وأكد شيخا العقل أهمية تغليب صوت الحكمة والعقل في هذه المرحلة، ونبذ التحريض والتجييش الطائفي الذي يمارسه بعض الأشخاص بهدف زرع الفتنة والانقسام بين أبناء الشعب السوري، الذي ظلّ متآلفاً ومتآخياً عبر تاريخه، على أرض واحدة موحّدة بتكاتف السوريين، وإيمانهم بقيم الأخوة والمحبة والتسامح.