عدت دول أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، خلال جلسة اليوم الأربعاء 26 تشرين الثاني، أن المرحلة الحالية تشهد تحولاً إيجابياً في مسار التعاون بين الحكومة السورية والمنظمة بعد سنوات من الجمود.
وأكد مندوب الولايات المتحدة لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، جوهان دافيد وترمان، أن دعم سوريا في التخلص من الأسلحة الكيميائية يمثل مسؤولية دولية أساسية.
وأوضح أن النظام البائد كان يكذب على المنظمة بشأن إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية، محاولاً عرقلة عملها ومنعها من القيام بمهامها.
وأشار إلى أن الالتزام من قبل الحكومة السورية الجديدة سيسمح بالنظر في إعادة الحقوق والامتيازات للبلاد ضمن إطار التعاون الدولي.
وقال: “إن السوريين بحاجة إلى الدعم الدولي لمساعدتهم على التخلص من التراث غير المرغوب فيه من الأسلحة الكيميائية”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة دعمت صندوق سوريا منذ إنشائه وتدعو الأعضاء لمواصلة تقديم الدعم.
وأشار إلى أن بعض داعمي النظام البائد يحاولون منع تدمير الأسلحة ومحاسبة المسؤولين عن المجازر، مؤكداً على ضرورة تحديد المسؤولين سواء كانوا دولاً أو أفراداً لضمان العدالة للشعب السوري.
وبيّن أن فشل المجتمع الدولي في سوريا يعني تقصيراً في دعم الشعب السوري، وأن هناك مسؤولية جماعية لدعم جهود المنظمة وحماية المدنيين.
وذكر أن الولايات المتحدة ستعمل قريباً على تشكيل لجنة للتحقيق مع المسؤولين عن إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية، بهدف محاسبتهم واستكمال جهود المنظمة في سوريا.
من جانبها، قالت المندوبة التركية إن المنظمة شهدت خلال الأشهر الماضية خطوات سورية عملية، تمثّلت في نشر فرق الخبراء وتأسيس فريق عمل داخل دمشق، مؤكدة أنّ المهمة ما تزال معقدة لكنها تسير في اتجاه أكثر انفتاحاً.
وأشارت إلى أن سوريا تواجه تحديات أمنية مستمرة، أبرزها الهجمات الإسرائيلية، لكنها رغم ذلك أبدت التزاماً واضحاً بتسريع عملية التخلص من الترسانة الكيميائية.
بدورها، اعتبرت مندوبة الدنمارك أنّ سقوط النظام البائد فتح نافذة جديدة لمعالجة ملف ظل راكداً لسنوات، مشيرة إلى أنّ الحكومة السورية الحالية قدّمت مؤشرات إيجابية تعكس رغبتها في العمل مع المنظمة لإنهاء المخزون الكيميائي بشكل كامل.
وفي السياق ذاته، أعلن مندوب بولندا استعداد بلاده لتقديم دعم مالي، قائلاً إنّ الأشهر الأخيرة أثبتت تغيراً ملموساً في مستوى التعاون.
فيما أكد مندوب هولندا أن التبدل الذي ظهر منذ كانون الأول الماضي يعكس توجهاً حقيقياً لدى دمشق لإعادة بناء الثقة، مشيراً إلى أن السلطات السورية أعلنت استعدادها الكامل للعمل مع المنظمة في جميع مراحل التدمير، وهو ما نرحّب به ونتطلع إلى تعزيزه عبر التعاون المباشر مع الحكومة السورية.
وفي مداخلة مندوب سويسرا خلال الجلسة، أوضح أن التقدم السياسي والدبلوماسي يجب أن يترجم إلى خطوات تنفيذية ملموسة على الأرض، مع ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي جرت باستخدام الأسلحة الكيميائية، معتبراً أن القضاء على هذا الإرث يمثل خطوة حاسمة للمستقبل.
أما مندوب ألمانيا، فأشار إلى أن النهج السوري الجديد يختلف جذرياً عن الحقبة السابقة، مؤكداً أن بلاده ستساهم بمساعدات مالية وتقنية لدعم مسار التدمير، ومشدداً على أهمية تمكين المنظمة من التواجد الدائم داخل سوريا لضمان الشفافية والاستمرارية.
كما أيد المندوب الألماني مقترح المجلس التنفيذي بشأن إعادة الحقوق والامتيازات إلى سوريا بما يتناسب مع مستوى تعاونها.
وفي الأثناء، قال مندوب التشيك إن التطورات الأخيرة بين دمشق والمنظمة تعد مؤشراً واضحاً على رغبة الحكومة في إغلاق الملف نهائياً، مع الإشادة بالدور الذي لعبته قطر في دعم هذا المسار.
وحذر من احتمال وجود مخزون كيميائي كبير يستدعي تعاملاً دقيقاً لضمان عدم تشكل أي تهديد للسلم الدولي، مؤكداً استمرار بلاده بالعمل مع المنظمة حتى اكتمال عملية التدمير.
واختتم مندوب الجزائر بالتأكيد على أن البيان الذي قدّمه مندوب سوريا يعكس توجهاً سياسياً واضحاً لإغلاق أحد أكثر الملفات حساسية.
وأضاف أن القرارات المتعلقة بالتدمير المسرع وإعادة الامتيازات ستتيح لدمشق الانتقال من مرحلة الترتيبات الفنية إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، بما يعزز مسار التعاون مع المنظمة ويقود نحو إنهاء الملف بالكامل.
وتعد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومقرها مدينة لاهاي الهولندية، الهيئة المختصة بتنفيذ اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية والإشراف على تدميرها؛ وتضم في عضويتها 193 دولة تعمل معا من أجل عالم خال من الأسلحة الكيميائية، وقد حازت المنظمة جائزة نوبل للسلام لعام 2013 تقديرا لجهودها في هذا المجال



