مع اقتراب موعد حملة “حلب ست الكل”، يبرز الريف الجنوبي لمدينة حلب كأحد أكثر المناطق حاجة للدعم والإعمار، بعد سنوات من النزوح والدمار الذي طال البنى التحتية والمنازل والمؤسسات الخدمية، إذ تعاني المنطقة من تدهور شديد في الخدمات الأساسية، خصوصاً الكهرباء والمياه، ما يفاقم صعوبة عودة الأهالي واستقرارهم في قراهم وبلداتهم.
وتؤكد الجهات المحلية والمجالس الإدارية في الريف الجنوبي أن الحملة المرتقبة تشكل فرصة لإعادة الحياة إلى هذه المنطقة، عبر دعم المشاريع الخدمية وإعادة تأهيل البنى التحتية، بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتسهيل عودة السكان إلى بيوتهم بعد عقود من التهميش والمعاناة.
وفي هذا السياق، يؤكد مسؤول منطقة سمعان الجنوبية محمد السالم العلي، خلال حديثه للإخبارية، أن ريف حلب الجنوبي يمتد جغرافيا من أوتستراد حلب–دمشق غرباً وصولا إلى سلسلة الجبال، ومن منطقة أبو الظهور جنوباً حتى أطراف مدينة حلب شمالاً، مشيراً إلى أن هذه الرقعة الجغرافية الواسعة منحت الريف بعدا تاريخياً عميقاً، يمتد منذ عصور الفتوحات الإسلامية وحتى المرحلة الراهنة، مع حضور فاعل في مسار الثورة السورية.
وبين أن الطابع الزراعي يشكل السمة الأبرز لهذا الريف، حيث يضم مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة التي تزرع فيها المحاصيل الاستراتيجية، كالقمح والشعير والقطن والشمندر، إلى جانب الأشجار المثمرة، ولا سيما الزيتون والعنب، ما جعل الريف الجنوبي سلة زراعية أساسية في محيط مدينة حلب.
وحول ما خلفته سنوات الماضية، أشار العلي إلى أن ريف حلب الجنوبي كان بوابة المدينة خلال المعارك، ولا سيما في عام 2013، عندما استخدمه النظام البائد ممرا للوصول إلى حلب و أوتستراد حلب–دمشق، ما جعله ساحة لمعارك طاحنة وقصف واسع، خلف دماراً كبيراً في البنية السكنية والخدمية.
وأوضح أن ريف حلب الجنوبي تعرض لحملة تدمير واسعة طالت معظم الأبنية السكنية، إلى جانب أغلب المؤسسات الحكومية والخدمية، في سياق عمليات عسكرية هدفت إلى إخضاع المنطقة وكسر إرادة أهلها.
وقال العلي: “إن إصرار النظام البائد على السيطرة على ريف حلب الجنوبي كان مدفوعاً بدافعين أساسيين؛ أولهما الطابع الانتقامي، نتيجة انخراط غالبية سكان المنطقة في الثورة السورية بمختلف مساراتها، وثانيهما الأهمية الميدانية للريف بوصفه البوابة التي حاول النظام من خلالها فك الحصار عن مدينة حلب، عبر التقدم من الريف الجنوبي باتجاه المدينة و أوتستراد دمشق–حلب الدولي”.
وأشار إلى أن المنطقة تضم تلالاً حاكمة ذات ثقل عسكري واستراتيجي، من بينها جبل عزان جنوب مدينة حلب، المشرف على مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري، إضافة إلى تلة العيس ذات الرمزية التاريخية والعسكرية، والتي تشرف على أحياء حلب الجنوبية، والأكاديمية العسكرية، وعدد من القطع العسكرية، فضلًا عن إشرافها المباشر على طريق دمشق–حلب الدولي، ما جعلها مسرحاً لمعارك شرسة خاضتها قوات النظام البائد وميليشيات شيعية للسيطرة عليها.
وفيما يتعلق بواقع البنى التحتية، بين العلي أن الحياة بدأت تعود تدريجياً إلى المنطقة منذ بداية التحرير، مع عودة الأهالي من مناطق النزوح رغم حجم الدمار الكبير الذي طال المنازل والمؤسسات الخدمية، ولا سيما في المحور الممتد من جبل عزان وصولاً إلى تلال العيس.
وذكر أن إصرار السكان على العودة وإحياء أراضيهم ومنازلهم يعكس تمسكهم بالأرض ورفضهم الخضوع، مشيراً إلى أن حملة (حلب ست الكل) تمثل فرصة لرد الوفاء لحلب، ودعوة مفتوحة لكل السوريين للمساهمة، كل بحسب استطاعته، في إعادة بناء سوريا.



