أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK)، الاثنين ١٢ أيار، حلّ هيكله التنظيمي، وإلقاء سلاحه، وإنهاء جميع أنشطته العسكرية، بعد صراع دامٍ ضد الحكومة التركية استمر لأكثر من أربعة عقود.
وقالت وسائل إعلام مقرّبة من الحزب، إن هذا القرار جاء استجابة لدعوة صريحة أطلقها الزعيم المؤسس للحزب، عبدالله أوجلان، من داخل محبسه في جزيرة إمرالي ببحر مرمرة، حيث يقضي عقوبة السجن منذ عام 1999.
مضيفة، أن أوجلان كان قد دعا في بيان صدر في شباط الفائت إلى إنهاء النزاع، وحلّ الحزب والدخول في مرحلة جديدة تتسم بالوسائل السلمية والسياسية في النضال من أجل الحقوق الكردية.
وطرحت فكرة حلّ الحزب مقابل النظر في الإفراج المبكر عن أوجلان، إذ دعا بيان الحزب لمنح ضمانات قانونية وسياسية لزعيمه أوجلان، ونصّ على ضرورة انخراط الأحزاب الكردية السياسية في المسار الديمقراطي.
تركيا ترحّب بحذر
رحّبت تركيا بإعلان حزب العمال، مشددةً على أن تنفيذ القرار لا يعني فقط التخلي عن السلاح، بل أيضًا تفكيك البنية الاستخباراتية واللوجستية للحزب المنتشرة في عدة دول.
وقالت الرئاسة التركية، إن “قرار الحزب بحل نفسه يعد مؤشرًا على أن عملية تركيا خالية من الإرهاب في عهد الرئيس أردوغان قد اكتسبت قوة ووصلت لمرحلة مهمة.
من جهته، فقد وصف المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك، التنفيذ الكامل للإعلان بـ “نقطة تحول تاريخية”، مؤكداً، أن أنقرة “ستراقب عملية حلّ الحزب وتنفيذ بنود القرار على الأرض”.
نشأة حزب العمال الكردستاني
هو حزب كردي تركي، يتزعمه عبد الله أوجلان القابع حاليًا في السجون التركية، وانبثق أواخر العام 1978، وله قوات تدعى “الغريلا” تنشط في معقله بجبال قنديل في شمال العراق، فيما يضاف لتلك القوات فرعها السوري المسمى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، الذي تتبع له قوات وحدات الحماية الشعبية الكردية (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ).
ويتبنى حزب العمال الأيديولوجية اليسارية الستالينية الشيوعية مع مزيج من قومية كردية، ويعتبر النظام الإيراني ونظام الأسد البائد من أكثر الأنظمة الداعمة له.
خلال فترة السبعينيات والثمانينيات كانت الحركات اليسارية العالمية تتبنى التضامن العابر للحدود، حيث نشأت علاقة تعاون بين العمال الكردستاني والحركات الماركسية الفلسطينية في لبنان، وانتقل الحزب إلى وادي البقاع في لبنان بتسهيل من نظام الأسد الأب، وأنشأ هناك معسكر “معصوم كوركماز” لتدريب كوادره.
كما شارك منظمة التحرير الفلسطينية في قتالها “إسرائيل”، لا سيما في قلعة شقيف إبان اجتياح لبنان عام 1982.
التسعينيات حقبة دامية
شهدت تسعينيات القرن المنصرم معارك دامية بين عناصر الحزب والحكومة التركية، تركزت في مناطق واسعة جنوبي شرق تركيا.
واستخدم الحزب منهجية حرب العصابات، عبر مجموعات متنوعة من أسلحة المتمردين التقليدية، بما في ذلك العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والتفجيرات.
وقد توسعت عملياته إلى المدن، حيث نفذ عدة عمليات انتحارية في قلب إسطنبول، وقد وصل إرهابه إلى إقليم كردستان العراق، إذ شنّ هجمات عديدة على خطوط أنابيب النفط في مناطق عملياته.
من جهتها، فقد أشارت منظمة العفو الدولية، آنذاك إلى أن حزب العمال ألحق ضرراً كبيراً بالمجتمعات الكردية الريفية بسبب أنشطته العسكرية.
بالمقابل، تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من ٣٧ ألفًا بين مدنيين وعناصر عسكريين من الطرفين، بين عامي ١٩٨٤ و١٩٩٩، إضافة إلى إجبار ثلاثة ملايين كردي على النزوح من ديارهم بسبب العمليات العسكرية.