أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن بلاده أصدرت إعفاءات مبدئية من العقوبات المفروضة على سوريا، جاء ذلك عقب يوم واحد من إعلان الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وفي مؤتمر صحفي عقده في مدينة أنطاليا جنوب تركيا عقب اجتماع ثلاثي جمع وزراء خارجية سوريا وتركيا والولايات المتحدة، أكد روبيو أن واشنطن “عازمة على تقديم كل أشكال الدعم الممكنة لإعادة الاستقرار وتحقيق السلام في سوريا”.
وأشار الوزير الأمريكي إلى أن نهاية الحرب التي دامت 14 عاماً، تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين دمشق وواشنطن.
وناقش وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني مع نظيره الأمريكي تفاصيل رفع العقوبات، وسبل تطوير العلاقات بين البلدين، إلى جانب بحث إمكانية بناء شراكة استراتيجية مستقبلية.
وتُولي الولايات المتحدة الأمريكية أهمية بالغة لضمان السلام بين سوريا وجيرانها، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة احترام حقوق الإنسان في سوريا دون تمييز على أساس طائفي أو ديني، حسبما أعلن روبيو.
ويأتي هذا التقارب الدبلوماسي بعد قمة وُصفت بـ”التاريخية” جمعت الرئيس أحمد الشرع مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية، وفق ما ذكرته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، التي أضافت أن اللقاءات الأخيرة تعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الأمريكية حيال الملف السوري.
وأكدت بروس أن وزير الخارجية الأمريكي ناقش مع نظيره السوري آليات تفعيل قرار رفع العقوبات، في حين ثمّن روبيو ما وصفه بـ”المواقف البناءة” التي أعلنتها الحكومة السورية مؤخراً، خاصة ما يتعلق بالتخلص من الأسلحة الكيميائية، والحد من النفوذ الإيراني داخل الأراضي السورية.
وأضافت أنَّ روبيو أكد على دعم الولايات المتحدة لمسألة رفع العقوبات عن سوريا بغرض إرساء الاستقرار في البلاد.
وجاء القرار الأمريكي نتيجة جهود حكومية حثيثة وإدارة دبلوماسية حكيمة نجحت من خلالها بكسب ثقة المجتمع الدولي خلال فترة لم تتجاوز ستة أشهر، وكذلك بعد مشاورات قادتها المملكة العربية السعودية لتقريب وجهات النظر بين دمشق وعدد من العواصم الغربية، في إطار مبادرة أوسع لإعادة سوريا إلى المشهد السياسي العربي والدولي.
وتُظهر الجهود الدبلوماسية السورية الخارجية بأن سوريا لم تعد محصورة بالمقاربات الأمنية، بل باتت ترتبط بإعادة الإعمار واستعادة السيادة السورية على كامل أراضيها، والحفاظ على استقرار سوريا ومنع أي تدخلات خارجية.
وأكّد وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خلال مقابلة أجراها مع قناة “الإخبارية” أنّ توجهات السياسة الخارجية والعلاقات مع الدول تقوم على أساس “المصلحة الوطنية”، لا على الانحياز لمحاور ضيقة كما فعل النظام البائد، قائلاً: “لن نكون كالنظام البائد الذي وضع سوريا في محور ضيّق، لمصالح ضيقة، بل ستقف سوريا في المرحلة المقبلة على مسافة واحدة من الجميع”.
وفي معرض حديثه عن الحراك الدبلوماسي المكثف في الشهور الأخيرة، قال الشيباني: “المطالب السورية لاقت قبولاً لدى الدول الإقليمية والغربية”، مضيفاً أن “سوريا تتفاوض بكل ثقة، دون التخلي عن ثوابتها أو التفريط بحقوقها، وأن المجتمع الدولي بات يتعامل مع الحكومة السورية الجديدة بثقة وصدق”.
وبحسب مراقبين، فإنّ الزيارات التي أجرتها الحكومة السورية لدول إقليمية وغربية تُعدُ تحولاً متسارعاً في شكل التحالفات السياسية المرتبطة بالملف السوري، لا سيما بعد تقارير متزامنة تتحدث عن إجراءات داخلية نحو إصلاحات سياسية واقتصادية متسارعة للتخلص من الأزمات التي خلفها نظام الأسد البائد.
ومن المتوقع أن تعلن وزارة الخزانة الأمريكية خلال الأيام المقبلة عن تفاصيل الإعفاءات التي ستشمل قطاعات محددة، أبرزها الطاقة، والاتصالات، والنقل الجوي، وسط ترقب دولي لإمكانية انخراط سوريا تدريجياً في برامج التعاون الاقتصادي والإنساني التي ترعاها الأمم المتحدة.