الثلاثاء 14 ذو الحجة 1446 هـ – 10 حزيران 2025
دمشق
Weather
°20.3

القانون يُجرِّم المعتدي.. جهود حكومية لتأمين الطفل المعنّف في حماة

20250609_224845.jpg

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مصور يظهر رجلا يعتدي على طفل بالضرب المبرح مسببا له كدمات في وجهه وجسده الهزيل، لتستجيب قوات الأمن الداخلي في حماة للحادثة وتبدأ البحث عن الجاني، بعد توارد معلومات أن الحادثة وقعت في المدينة، وقد تمكنت من إلقاء القبض عليه، ونقلت الطفل إلى المشفى لتلقي العلاج الطارئ.

تُلقي هذه الحادثة ظلالها على جانبٍ مظلمٍ يعيشه العديد من الأطفال، لكن التحرك العاجل من قوى الأمن لإنقاذ الطفل واعتقال الجاني، يبرز أهمية عدم الخوف أو الخنوع، والتوجه فورا إلى مراكز الأمن في حال تعرض أحد الأطفال لاعتداء جسيم.

من هو الضحية؟

كشف مصدر مقرب من عائلة الطفل لموقع الإخبارية، معلومات حول الحياة التي كان يعيشها الطفل:

اسمه إبراهيم خليل صطيف، وعمره 12 عاما، وهو يتيم الأب، يقيم في منزل عمه في حماة، بينما والدته متزوجة وتقيم في محافظة الرقة، كما أن لإبراهيم أخت شقيقة تدعى لين، وتقيم في ملجأ للأيتام في مدينة حلب.

تفاصيل الواقعة

نُشِر فيديو مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد 8 حزيران، ظهر فيه عمّ الطفل إبراهيم وهو يعنفه باستخدام عدة أدوات، حيث استعمل ملعقة ساخنة من أجل حرق جلده، ومن ثم بدأ بضربه بحزام على جسده، بينما يتوسل الطفل أن يوقف اعتداءه عليه.

وسرعان ما انتشر الفيديو على نطاق واسع، وعلى إثره تحركت قوى الأمن الداخلي لمعرفة تفاصيل أكثر عن مكان وقوع الحادثة، حيث قال محافظ حماة عبد الرحمن السهيان، إنهم يتابعون باهتمام بالغ ما يُتداول من مقاطع فيديو تُظهر تعذيب طفلٍ يُقال إنه في حماة، مضيفا أن الجهات المختصة تحركت للتحقق الفوري من صحة المعلومات ومكان الحادثة، ومعاقبة الفاعل في حال ثبتت الواقعة.

وبعد ساعات قليلة، أعلن المحافظ إلقاء قوات الأمن الداخلي، القبض على الجاني وإنقاذ الطفل وضمان سلامته حيث يخضع حالياً للرعاية الصحية اللازمة.

حماية حكومية

قال أحد أقارب إبراهيم، إن قوى الأمن بعد أن أنقذت الطفل نقلته مباشرة إلى مركز طبي من أجل إجراء الفحوصات الطبية وتقديم العلاج المناسب، بينما تتابع الجهات الحكومية متمثلة بمحافظة حماة تأمين مسكن آمن ورعاية خاصة مؤقتة للطفل، وتبحث في سبل إيصال الطفل إبراهيم وشقيقته لين إلى منزل جديهما في الأردن.

ولا تقتصر الحماية المقدمة من الحكومة على سياق التدخل العاجل فقط، بل تشمل خطة كاملة لإعادة تأهيل الأطفال المعنفيين.

وقال مدير القضايا الأسرية في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان وضاح الركاد لموقع الإخبارية، إن قطاع الحماية عموما تقوده وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تدير مجموعة من مراكز الحماية المجتمعية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية وهي مسؤولة عن حقوق الطفل في التعليم وتكافح كافة أشكال الاستغلال والعمالة للأطفال.

وأوضح الركاد، أن قطاع الحماية يشمل عدة نواحي وهي: إعادة تأهيل الأطفال المعتدى عليهم ودعمهم نفسيا وتربويا، من خلال الدعم النفسي والاجتماعي، وذلك عبر توفير جلسات دعم نفسي فردية أو جماعية للأطفال داخل مراكز الحماية أو عبر منظمات متخصصة، لعلاج حالات الصدمات والقلق واضطراب ما بعد الصدمة بإشراف مختصين، إضافة إلى برامج إعادة بناء الثقة وتعزيز احترام الذات.

كما تشمل إعادة الدمج المدرسي من خلال دعم الأطفال المعنّفين الذين انقطعوا عن المدرسة، عبر برامج تعويض الفاقد التعليمي، أو من خلال التعليم المرن غير الرسمي ثم الدمج التدريجي في النظام المدرسي.

إضافة إلى تقديم الرعاية المؤقتة للأطفال المعرضين للخطر، من خلال وضع الأطفال الذين يتعرضون للعنف الشديد ضمن أسر بديلة أو مراكز إيواء مؤقتة حتى زوال الخطر، بإشراف قضائي واجتماعي لضمان حقوق الطفل.

وأيضا إدخال الأطفال المعنفين في برامج المهارات الحياتية، من خلال تعليمهم حماية أنفسهم، وبناء مهارات التواصل والتعبير، وتشجيعهم على التبليغ، وكسر حاجز الخوف من السلطة أو الأهل المسيئين.

كذلك دعم الأسرة إذا كانت قابلة للإصلاح من خلال إرشاد عائلي وإعادة تأهيل للأهل، شرط توقفهم عن ممارسة العنف، مع وجود متابعات منزلية.

وأردف أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان تُعَدُّ الآلية الوطنية المعنية بحقوق الطفل في البلاد، وهي مسؤولة عن إعداد التقارير الوطنية وتقارير اتفاقية حقوق الطفل، كما تضع سياسات واستراتيجيات خاصة بتأمين بيئة حمائية للطفل وتعمل على التوعية المجتمعية، وأيضا تُعِدُّ مجموعة من مشاريع القوانين والصكوك التشريعية الخاصة بالحماية من العنف مع التركيز على العنف الأسري.

وأضاف الركاد أن وزارة الصحة تقوم بدورها فيما يتعلق ببرامج الرعاية الصحية وبرامج التطعيم ومتابعة الصحة النفسية والجسدية للأطفال، كما أن وزارة التربية مسؤولة عن حماية حق الطفل في التعليم ومكافحة التسرب المدرسي.

القانون السوري يجرّم الاعتداء على الأطفال

بيَّن الحقوقي ساطع ياسين لموقع الإخبارية، أن القانون السوري يجرم تعنيف الأطفال وفق قانون حقوق الطفل رقم 21 لعام 2021، الذي يهدف إلى حماية الأطفال من جميع أنواع العنف والإهمال والاستغلال وتشمل العقوبات السجن والغرامة بحق مرتكب العنف ولاسيما إذا كان أحد أفراد الأسرة.

وأضاف أنه يمكن حرمان المعتدي من حق الوصاية أو الحضانة في حال ثبوت إساءة المعاملة وتشديد العقوبة إذا تسبب العنف بأضرار جسدية أو نفسية خطيرة للطفل.

وتابع: ” لضمان حصول الطفل إبراهيم على حقوقه يتم توفير مسكن آمن ورعاية خاصة من قبل الجهات الحكومية وتعيين وصي قانوني لحماية حقوقه سواء من الأقارب أو المؤسسات المختصة إضافة إلى إمكانية المطالبة بتعويض مالي عن الأضرار التي تعرض لها مع تقديم دعم نفسي واجتماعي لضمان تعافيه من آثار العنف ويفضل إعادته إلى أحد مقدمي الرعاية من الأقارب”.

وأشار ياسين إلى أن الادعاء العام يتولى القضية باعتبارها جريمة ضد المجتمع نظرا لعدم وجود مدعٍ شخصي حيث يتم التحقيق مع العم المعتدي خاصة مع وجود دليل واضح من خلال الفيديو والمعطيات، وبعد إدانته يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في العقوبة المناسبة.

وأضاف: “يتحرك الادعاء العام في حالات العنف ضد الأطفال باعتبارها جريمة ضد المجتمع حتى لو لم يتقدم أحد الأقارب بشكوى، كما يمكن رفع دعوى ضد المعتدي من قبل الأقارب المباشرين إضافة إلى المؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية أو الهيئات المختصة بحماية الطفل، كما يحق لأي فرد من المجتمع تقديم بلاغ رسمي للجهات المختصة لكن لا يمكنه رفع دعوى قضائية مباشرة إلا إذا كان له صفة قانونية في القضية مثل كونه وصيا على الطفل”.

وأكد ياسين، أن القانون السوري يولي أهمية كبيرة لحماية الأطفال من العنف والإهمال ويضمن لهم حقوقهم الأساسية في السكن الآمن والرعاية الصحية والتعليم.