أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً جديداً بعنوان “دور الصحافة في مسار العدالة الانتقالية في سوريا بعد سنوات من القمع والترهيب”، مؤكدةً على الدور المحوري لوسائل الإعلام في دعم مسار العدالة الانتقالية بالبلاد.
ويأتي التقرير استكمالاً للرؤية الأساسية لمسار العدالة الانتقالية، والرؤية السياسية لتحقيق التعددية والتشاركية.
وكشف التقرير عن تضحيات كبيرة قدمها العاملون في المجال الإعلامي خلال سنوات النزاع، حيث سجل مقتل 725 عاملاً إعلامياً، بينهم أطفال ونساء وصحفيون أجانب. كما لا يزال 486 عاملاً إعلامياً مختفين قسرياً، وفقاً للبيانات الواردة في التقرير.
ووصف المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، الإعلام بأنه “رئة الحقيقة التي تنفست من خلالها قضايا الضحايا السوريين، ونافذتهم إلى العالم”.
وأكد أن العمل الإعلامي يشكل “شريكاً استراتيجياً في مسار العدالة الانتقالية”، وأن آلاف الضحايا كانوا عرضة للنسيان لولا الجهد الذي بذله الإعلاميون.
وأشار التقرير إلى التحولات الجذرية التي تمر بها الصحافة مع انهيار أنظمة القمع، حيث تبدأ المؤسسات الإعلامية في التحرر والسعي نحو المصداقية من خلال انفتاح الفضاء العام، واستخدام التقنيات الرقمية، وبلورة خطاب حقوقي.
وحدد التقرير الوظائف الرئيسية للصحافة المستقلة في دعم مسارات العدالة الانتقالية، والتي تشمل تسليط الضوء على أعمال لجان الحقيقة والمصالحة، وممارسة الرقابة على العدالة القضائية، وبناء سردية وطنية جامعة، وحفظ الذاكرة الجماعية عبر التوثيق المنهجي للانتهاكات والشهادات.
وتناول التحديات المعقدة التي تواجه الإعلام السوري في مرحلة ما بعد الاستبداد، ومن أبرزها الفراغ القانوني المقلق، وضعف البنية التحتية وشح التمويل، والانقسامات المجتمعية العميقة.
واقترح التقرير حزمة من الحلول العملية لمعالجة هذه التحديات، تشمل إرساء بنية قانونية متوازنة تضمن حرية التعبير وتمنع خطاب الكراهية، وبناء قدرات إعلامية مستقلة عبر التدريب ووضع ميثاق شرف مهني، وزرع ثقافة العدالة في الوعي العام، وتطوير منظومة مكافحة التضليل، ووضع الضحايا في صلب التغطية الإعلامية.
وشدد على أن مرحلة ما بعد الاستبداد تمنح الإعلام السوري “فرصة تاريخية” ليكون شريكاً رئيسياً في بناء مجتمع جديد قائم على المساءلة والعدالة والمصالحة، مشيراً إلى أن تحقيق هذا الدور يتطلب معالجة دقيقة للتحديات القانونية والمؤسسية والمجتمعية، وتبني رؤية واضحة تعلي من شأن حرية التعبير وتؤسس لصحافة مهنية مستقلة.
 
								 
															


