الثلاثاء 15 ربيع الآخر 1447 هـ – 7 تشرين الأول 2025

وزير الإعلام: الانتخابات الأخيرة وسعت المشاركة وتجنبت خطر عودة النظام وتصدع المجتمع

وزير الإعلام: الانتخابات الأخيرة وسعت المشاركة وتجنبت خطر عودة النظام وتصدع المجتمع

أكد وزير الإعلام حمزة المصطفى أهمية الانتخابات الأخيرة التي جرت في سوريا لاختيار أعضاء مجلس الشعب في استكمال مسار المرحلة الانتقالية، لكنه شدد على أن شكل الانتخابات ليس مؤثراً في شرعية الانتقال بحد ذاتها.

وأوضح الوزير أن التغيير الذي وقع في سوريا جرى “من أسفل” عبر ثورة أطاحت بالنظام، بخلاف الانتقال “من أعلى” أو “التوافقات الميثاقية”، وهو وضع يحذّر فيه كثير من دارسي مسارات الانتقال من اللجوء إلى الانتخابات العددية (التصويت) في المراحل الأولى.

فقد يؤدي هذا الإجراء إما إلى عودة النظام القديم بوجوه جديدة نظراً لتفوقه التنظيمي والخبرة الانتخابية، أو إلى بروز قوى تقليدية طائفية أو عرقية أو حزبية.

وتشير الإحصائيات إلى أن الدول التي أجرت انتخابات مباشرة عقب تغيير من أسفل، غالباً ما شهدت نتائج انتقالية سلبية؛ حيث أدت الانتخابات إلى تعميق الانقسامات وترسيخ الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية.

وتشير الدراسات، حسب الوزير، إلى أن تأثير الانتخابات، إيجاباً أو سلباً، على مسار الانتقال يتوقف بالأساس على طبيعة هذا المسار ونوعه.

وبين الوزير المصطفى أنه في مساري التغيير من أعلى والتوافقات الميثاقية، تحدد الانتخابات حجم القوى المتصارعة وترجمة القوى التمثيلية في البرلمان أو الحكومة من دون المساس بتماسك الدولة، أما في سيناريو التغيير من أسفل فغالباً ما تكون الدولة ضعيفة كمؤسسات ومفهوم، كما تبرز انقسامات سياسية ومجتمعية حادة نتيجة طول فترة الاستبداد وشدة القمع وعمق التصدعات المجتمعية، وخاصة في البلدان ذات التركيبة الإثنية والدينية والطائفية المعقدة.

وفي ظل تراجع أهمية الانتخابات العددية في التعامل مع المرحلة الانتقالية التي تلي التغيير من أسفل، يبرز تساؤل حول كيفية اكتساب للسلطات الانتقالية الشرعية اللازمة، ويوضح الوزير أن دراسات الانتقال لا تعطي أهمية قصوى للشرعية الانتخابية في أعقاب الثورات أو التمردات الاجتماعية الكبرى، إذ إن الشرعية الجديدة تكتسب غالباً من خلال “شرعية الإنجاز”، التي تفرض اعتراف المجتمع الدولي.

غير أن ذلك لا يُعفي السلطات الجديدة من ضرورة معالجة “المشروعية القانونية” اللازمة لضمان انتظام الحكم وسلامة التشريعات والقوانين وانتقال السلطة بشكل منظم، ولهذا تلجأ كثير من التجارب الناشئة إلى ابتكار آليات تمثيل مؤقتة أو تصويتية تمنح مشاركة شعبية أكبر وتسمح باندماج قوى جديدة في صنع القرار، دون المخاطرة بعودة النظام القديم أو بانقسام المجتمع.

ونوه الوزير إلى أن سوريا شهدت مثل هذه التجارب عبر “الهيئات الناخبة” التي بُنيت على أسس مجتمعية، لتسد الفراغ التمثيلي مؤقتاً وتتيح تشكيل مجلس تشريعي يُعد حاجة ملحة في ظرف الانتقال.

ورغم أهمية الإجراءات الانتخابية في المساهمة بتنظيم الانتقال وترشيد أداء الحكومات الانتقالية، تشترط الأدبيات جملة من الشروط الواجب توفرها لتحقيق ذلك.

وعدد الوزير من تلك الشروط ⁠الاجماع على الدولة، و⁠التوافق على أسس الانتقال، و⁠ترميم الانقسامات المجتمعية وجبر الضرر وتحقيق عدالة انتقالية مقنعة، و⁠إدارة التوقعات الشعبية، إذ ليس من المتوقع حل الأزمات البنيوية العميقة دفعة واحدة.

وأكد وزير الإعلام  أنه من بين شروط تحقيق الأثر الإيجابي المطلوب للانتخابات على الانتقال ⁠طرح برامج تحديث تسمح بتحقيق تطور اقتصادي، و⁠الانفتاح وتبني حوار شامل، وإعادة تعريف الجماعة الوطنية وتلافي خطاب “نحن/هم”،⁠ ووضع خريطة انتقال واضحة من حيث الإجراءات والمدى الزمني.

وعند إسقاط هذه الاعتبارات على الحالة السورية، اعتبر الوزير أن الحكومة الحالية دعت، وبدرجات متفاوتة، إلى ترجمة هذه المبادئ من خلال تغليب الحوار والتوافق لتجاوز المرحلة الانتقالية الحرجة، بما يضمن التوافق على قواعد وأسس المرحلة المقبلة.

وهكذا، يقول الوزير المصطفى: “تبدو الانتخابات فرصة لتعزيز المسار السياسي وتفعيل مؤسسات الدولة وتطوير القوانين، لكن نجاح ذلك مرهون بإجماع وطني على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وبوضع المبادئ التي تهيىء لانتقال كامل إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر”.