السبت 3 محرم 1447 هـ – 28 حزيران 2025
دمشق
Weather
°24.4

منحة البنك الدولي.. مؤشر لانفتاح دولي وتحسين لواقع الكهرباء في جميع المحافظات

Syria

أعلن البنك الدولي مؤخراً عن تقديم منحة تمويل بقيمة 146 مليون دولار أمريكي للحكومة السورية، وذلك بعد نقاشات بدأت بين الجانبين مطلع الشهر الجاري لإصلاح خطوط نقل الكهرباء بين سوريا والأردن وتركيا.

وأوضح مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء المهندس خالد أبو دي أن المنحة تأتي ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل قطاع الطاقة، وتتضمن تأهيل خطوط النقل 400 كيلو فولط عالية التوتر، وخاصة على محوري الربط الإقليمي مع تركيا والأردن.

وبيّن أن المنحة تشمل إعادة تأهيل محطات حلب 400 كيلو فولط F، ومحطة حلب D، ومحطة حلب ضاحية، ومحطة أوتيا 230 كيلو فولط، كما تشمل تأهيل عدد من محطات تحويل 66 كيلو فولط بمناطق أورم الصغرى بريف حلب وسراقب في ريف إدلب والنشابية وزملكا والحجر الأسود في ريف دمشق.

تحسين يشمل جميع المحافظات

وفي حديث خاص لموقع الإخبارية قال أبو دي: “تعد منحة البنك الدولي لإعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي ومحطات التحويل في سوريا خطوة مهمة نحو تحسين استقرار الشبكة الكهربائية وتوفير الكهرباء للمناطق التي شهدت عودة كبيرة للنازحين”.

وحول تأثير منحة البنك على الشبكة الكهربائية، أوضح أبو دي أن المنحة ستساهم في زيادة القدرة الكهربائية المتاحة في سوريا من خلال إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي ومحطات التحويل، مع إمكانية شراء الطاقة من كل من تركيا والأردن.

كما ستؤدي إعادة التأهيل وشراء الكهرباء من دول الجوار إلى تحسين استقرار الشبكة الكهربائية في سوريا وتقليل الانقطاعات الكهربائية، إضافة لتوفير الكهرباء للمناطق المدمرة في كل من إدلب وحلب وريف دمشق، فضلاً عن تخفيف العبء عن المحطات المحلية، حسب ما قاله أبو دي.

وأشار إلى أنه مع شراء الكهرباء من تركيا والأردن قد يوسّع نطاق التحسين ليشمل جميع المحافظات في سوريا لأن شبكة النقل حلقية وتربط المحافظات جميعها بشبكة النقل، ما يسهم في تحسين استقرار الشبكة الكهربائية وجودة الكهرباء في جميع أنحاء البلاد.

وذكر أن توفير الكهرباء سيساهم في تحسين الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة في جميع المحافظات، لافتاً إلى أن المنحة ستساهم في تحسين استقرار الشبكة الكهربائية وتوفير الكهرباء للمناطق التي شهدت عودة كبيرة للنازحين في سوريا.

إدارة ناجحة وتحقيق الاستقرار

وتعد هذه المنحة هي الأولى من البنك الدولي لسوريا منذ 4 عقود، وحول ذلك قال الخبير الاقتصادي صافي عاروب لموقع الإخبارية إن من أبرز العوامل التي دفعت البنك الدولي لتقديم المنحة هي الإدارة الناجحة وتميز الحكومة السورية في مرحلة ما بعد سقوط النظام البائد من خلال تحقيق الاستقرار السياسي والأمني الذي أعطى حافزاً للكثير من الجهات والاطمئنان من أجل الاستثمار في سوريا.

وأضاف أن من العوامل الأخرى تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تحسين سعر صرف الليرة السورية مقابل العمليات الدولية، إضافة إلى الإصلاحات الهيكلية وخاصة في القطاع المالي الاقتصادي عبر تهيئة بيئة استثمارية جيدة واستقطاب رؤوس الأموال الاجنبية والمحلية.

بدوره قال المحلل الاقتصادي حيان حبابة لموقع الإخبارية، إن البنك الدولي منح هذا التمويل لسوريا بسبب اختفاء الظروف التي كانت تعيق التعامل مع سوريا، التي كانت تتمثل بوجود نظام الأسد المخلوع الذي فرضت عليه عقوبات اقتصادية أوروبية وأمريكية مع كيانات أخرى موّلت ممارساته ضد الشعب السوري.

وحسب حبابة فإن أهم المعطيات التي كانت سبباً لتقديم البنك الدولي لهذه المنحة، هي تقديم الحكومة الجديدة إشارات سياسية إيجابية تجاه العديد من الملفات، أبرزها الانفتاح الدبلوماسي السوري تجاه المجتمع الدولي، وكذلك جهود الحكومة في استقرار البلاد وتوفير بيئة مناسبة للاستثمارات.

واعتبر حبابة أن الإشارة الأقوى هي التي أعطاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائه مع السيد الرئيس أحمد الشرع في السعودية، لافتاً إلى أن ذلك كان رسالة طمأنة للمستثمرين الإقليميين والدوليين، عدا عن كونها رسالة طمأنة خاصة أيضاً للشركات الأمريكية من أجل الاستثمار في سوريا.

كما لفت حبابة إلى موقع سوريا الجغرافي المهم كنقطة تقاطع للقارات الثلاث، وإلى توفر بيئة استثمارية مشجعة محفزة لكثير من التجار للاستثمار في سوريا من خلال إصدار الكثير من التشريعات والقوانين التي تسهل فرص اجراءات الترخيص، إضافة إلى إعفاء الكثير من السلع من الرسوم ومن الضرائب التي تعد هي الأساس من أجل التحفيز على الاستثمار.

مؤشر على انفتاح دولي

إلى ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي عاروب أن منحة البنك الدولي تعد مؤشراً لانفتاح دولي على سوريا، وتعطي زيادة من الثقة الدولية للحكومة السورية بأنها قادرة على بناء سوريا الجديدة من خلال تشجيعها للاستثمار، وعملها على تفعيل الخدمات الأساسية للمواطنين وتأمينها وخاصة قطاع الكهرباء الذي يعد المشغل الأساسي للقطاعين التجاري والصناعي.

ويرى المحلل الاقتصادي حيان حبابة أن المنحة مؤشراً واضحاً على بدء الانفراج الدولي على سوريا، وهي إشارة سياسية واقتصادية لدول العالم بأن سوريا آمنة، وتعد فرصة استثمارية، خاصة في عملية إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن ذلك يعد إشارة بالفعل للبدء بالاستثمار الحقيقي من قبل الشركات العالمية في سوريا.

وكان البنك الدولي أعلن مؤخراً اعتماد مشروع طوارئ الكهرباء السورية (SEEP)، الذي يهدف إلى إعادة تأهيل خطوط النقل ومحطات التحويل الفرعية المتضرّرة خلال سنوات الحرب، ودعم تطوير قطاع الكهرباء من خلال مساعدة فنية وهيكلية، بالتعاون مع المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء (PETDE).

ويشمل المشروع إعادة ربط الشبكة السورية بدول الجوار مثل الأردن وتركيا، وتوفير معدات صيانة وقطع غيار للمناطق الأكثر تضرراً، إضافة إلى تطوير استراتيجيات وطنية للكهرباء، وخطط إصلاح وتنظيم واستثمار تمتد على المدى المتوسط والطويل.

وأكد وزير الطاقة محمد البشير في بيان له، في 25 حزيران الجاري، بأن موافقة مجلس إدارة البنك الدولي على تقديم منحة لسوريا بقيمة 146 مليون دولار أمريكي لإصلاح خطوط نقل الكهرباء تمثل خطوة مهمة نحو استعادة إمدادات الكهرباء ما سيسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

وعدّ وزير المالية محمد يسر برنية أن موافقة مجلس إدارة البنك الدولي على تقديم المنحة يمثل “خطوة مفصلية” في طريق استعادة الخدمات الحيوية في البلاد، مشيراً إلى أن المنحة “مجانية وليست قرضاً”، وتُعد أول مشروع للبنك الدولي في سوريا منذ نحو أربعة عقود.