كشف نائب رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عصام الخليف، الاثنين 4 آب، عن قضية فساد بدأت عام 2017، تتعلق بعمل إحدى أهم منشآت الغاز في سوريا، وتورط وزير النفط والثروة المعدنية آنذاك في هذه القضية وتسببه بزيادة معاناة الأسر.
وقال الخليف في تصريحات لوكالة “سانا”، إن القضية بدأت في أوائل العام 2017 عندما انتهت المعارك بين تنظيم داعش وقوات النظام البائد في بادية حمص الشرقية، وكشفت شركة الغاز الموجودة هناك من خلال لجنة فنية مختصة أضراراً فادحة، سببتها المعارك وتمركز قوات النظام البائد في مقر الشركة حينها.
150 ألف متر مكعب غاز هدر
وأضاف الخليف أن المعاينة الفنية كشف عن وجود تسرب كبير للغاز، بين فواصل الضغط التي هي عبارة عن أوعية لفصل الغاز عن الماء والمشتقات الأخرى، وجرى تقدير الكمية المهدورة يومياً بنحو 150 ألف متر مكعب، أي ما يعادل 10500 أسطوانة غاز يومياً.
وأوضح الخليف أنه في محاولة لإعادة تأهيل الوحدة المتضررة وضواغط المعمل، تعاقدت شركة الغاز مع إحدى الشركات المتخصصة بالأعمال الفنية والهندسية، لإيقاف التسرب والهدر الحاصل وذلك في آذار عام 2018، على أن تنجز الأعمال في أيلول من العام ذاته.
وتابع: “لكن بعد شهرين من مباشرة العمل نشب خلاف بين الوزير والمسؤول عن العمل، فأوقف الوزير عمل الشركة الفنية عن طريق لجان خرجت بتقارير غير صحيحة، تتحدث عن مخالفات على الشركة المنفذة، ما استلزم صدور قرار بوقف أعمال الصيانة التي تقوم بها الشركة”.
وأشار الخليف إلى أن الخلافات تسببت باستمرار التسرب مدة عام ونصف العام، أي من تاريخ 24 تموز 2018 حتى 10 شباط 2020، تم خلالها التخلص من الغاز المتسرب عبر إشعاله كي لا يحدث تلوث في الأجواء.
ولفت نائب رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، إلى أن شركة الغاز حاولت مراراً وعبر مراسلات مثبتة إعادة تفعيل أعمال الصيانة، لإيقاف التسرب والهدر اليومي، لكن الوزير أصر على موقفه ولم يقبل بعودة الشركة الفنية لمباشرة أعمالها، وكان نتيجة هذا الأمر زيادة الكميات المهدورة.
بعثة تفتيشية
ولفت الخليف إلى أن الهيئة وبناء على إخبار من إحدى الجهات المتنفذة حينها، بدأت التحقيق في القضية، وجرى تشكيل بعثة تفتيشية بتاريخ 3 آب، لكن الوزير المتورط أعفي من منصبه بتاريخ 30 آب من العام ذاته، نتيجة تغيير حكومي، فتمت الاستعانة بلجنة خبراء كون القضية فنية بحتة، والاعتماد في تقدير الكميات المهدورة على مهندسين متخصصين في هذا المجال.
وقال في هذا الصدد: “تكلمنا مع رئيس المجموعة الذي كان موجوداً في تلك الفترة، وأخبرنا أن المهندسين ولأن القضية كانت بين وزير وأشخاص متنفذين في الدولة، لم يتجرؤوا على القيام بكشف فني، فاستعانوا بخبراء مستقلين”.
وأشار إلى أخذ أقوال الوزير اللاحق الذي كان يشغل منصب مدير عام في إحدى المؤسسات بالوزارة خلال الفترة التي جرت فيها الواقعة، وهو كان على اطلاع بالقضية، وفق ما هو مثبت في تقرير الرقابة والتفتيش المعد في تلك الفترة.
وبين أنه بتاريخ 23 أيار 2021، أخذت أقوال الوزير الأسبق المتورط، ولكن نتيجة علاقاته الواسعة مع منظومة فساد كبيرة لم يعتمد تقرير الهيئة الذي أنجز في 11 أيلول 2023، وظل حبيساً داخل الأدراج حتى تاريخ 19 حزيران 2025، حيث فتحت القضايا العالقة الموجودة في الهيئة ومن ضمنها هذه القضية.
خسائر بملايين الدولارات
وأفاد الخليف أن الكمية المهدورة تجاوزت خلال المدة المذكورة هي 46 مليون متر مكعب من الغاز، وقدرت الخسائر المالية بـ 4 ملايين و654 ألف دولار، مع خسائر إضافية تجاوزت 138 مليون ليرة سورية نتيجة تغير سعر الصرف، فضلاً عن حرمان المواطنين من مادة الغاز الأساسية، وكذلك من الكهرباء.
وأكد إحالة الوزير الأسبق للقضاء المختص، وفق قانون العقوبات الاقتصادي رقم 3 لعام 2013، بجرائم الامتناع عن تنفيذ الالتزامات الاقتصادية، وتم الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته المنقولة وغير المنقولة، حتى يسدد مبلغ الضرر الذي ألحقه بالمال العام.
كما تعهد مدير العلاقات العامة في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش مؤيد حمادة، بالتزام الهيئة الكامل بالوضوح والمحاسبة مهما كانت الظروف ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها.
وبين حمادة أهمية دعم المجتمع المدني والإعلام لمواصلة المسار الرقابي، وأكد أن أبواب الهيئة مفتوحة لكل من يملك معلومة أو وثيقة تسهم في كشف الحقيقة.