قدّم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني رؤية شاملة للسياسة السورية في مرحلتها الجديدة، خلال مقابلة أجراها مساء الخميس 15 أيار الجاري، على قناة الإخبارية.
وأكّد وزير الخارجية أن البلاد دخلت طوراً جديداً من العمل السياسي والدبلوماسي القائم على المصلحة الوطنية العليا، مشيراً إلى أن الأولوية في الوقت الراهن هي لتوطيد الاستقرار وخلق بيئة آمنة لجلب الاستثمار، إلى جانب مشاريع إعادة الإعمار، بعيداً عن الإرث الثقيل الذي خلفه النظام البائد.
وحملت المقابلة في طياتها رسائل مطمئنة، داخلية وخارجية، عكست رؤية الحكومة على المستويين المحلي والإقليمي، وتضمنت إشارات صريحة إلى أن سوريا لن تكون طرفاً في أي محور، وأن علاقات سوريا مع المجتمع الدولي أساسها المصلحة الوطنية.
الشيباني: آن للشعب السوري أن يفتخر بمكانته
وافتتح الوزير الشيباني حديثه بالتأكيد على أن الحكومة السورية تعمل بكل وزاراتها ومؤسساتها لخدمة الشعب السوري، الذي وصفه بأنه “شعب يستحق هذه المكانة، ويستحق أن يرفع رأسه بعد سنوات مريرة عاشها تحت حكم النظام المخلوع”.
وأضاف أن الثقة المتبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة هي أساس النهضة المرتقبة، مستشهداً بـ”فرحة الشارع السوري بعد إزالة العقوبات الدولية” كدليل على تلك الثقة المتنامية.
وشدد الوزير على أن الحكومة الجديدة لا تتعامل مع الملفات بخلفية شعاراتية أو انفعالية، بل وفق منظور تنموي واستراتيجي يراعي متطلبات الداخل، وتطورات المحيط.
علاقات سوريا قائمة على المصالح لا المحاور
وعن توجهات السياسة الخارجية، أكد وزير الخارجية والمغتربين أنّ العلاقات مع الدول تقوم على أساس “المصلحة الوطنية”، لا على الانحياز لمحاور ضيقة كما فعل النظام البائد، قائلاً: “لن نكون كالنظام البائد الذي وضع سوريا في محور ضيّق، لمصالح ضيقة، بل ستقف سوريا في المرحلة المقبلة على مسافة واحدة من الجميع”.
وفي معرض حديثه عن الحراك الدبلوماسي المكثف في الشهور الأخيرة، قال الشيباني: “المطالب السورية لاقت قبولاً لدى الدول الإقليمية والغربية”، مضيفاً أن “سوريا تتفاوض بكل ثقة، دون التخلي عن ثوابتها أو التفريط بحقوقها، وأن المجتمع الدولي بات يتعامل مع الحكومة السورية الجديدة بثقة وصدق”.
سوريا فريدة في التاريخ المعاصر
في تقييمه لعمل الحكومة خلال النصف الأول من العام، أشار الوزير إلى أن ما تم تحقيقه “لم تحققه أي من الدول في التاريخ المعاصر خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة”، مؤكداً أن الإنجازات ليست فقط على الورق، بل يلمسها المواطن السوري في حياته اليومية.
وأعطى مثالاً على ذلك بمستوى الارتياح الشعبي والتفاعل الدولي عقب رفع العقوبات، مشيراً إلى أن هذا التحول لم يأت مصادفة بل هو نتيجة “رؤية حكومية متكاملة ونهج عملي”.
وأضاف: “مستقبل سوريا سيكون مشرقاً لأننا نبني على أساس متين”، موضحاً أن البلاد بدأت فعلياً مرحلة إعادة الإعمار، وتحفيز الاقتصاد، وتفعيل الطاقات البشرية.
الجاليات في الخارج نموذج للنجاح
وتحدث الوزير الشيباني عن الثروات البشرية السورية المنتشرة في دول العالم، مؤكداً أنّ الحكومة قامت مؤخراً بزيارات ميدانية إلى عدد من الجاليات في أوروبا وآسيا، واطّلعت على قصص نجاح كثيرة لسوريين تفوقوا في مجالات متعددة، من الطب والهندسة إلى ريادة الأعمال والتكنولوجيا.
وأكد الوزير أن تلك القدرات “ستكون لها أولوية في مشاريع الإعمار والتنمية في الداخل السوري”، مشدداً على أن الحكومة بصدد “إطلاق برامج خاصة لاستقطاب الكفاءات من الخارج، وتوفير بيئة عمل واستثمار مناسبة لهم داخل البلاد”.واختتم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني حديثه بالتأكيد على أن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الدولة، مضيفاً أن الأساس في العلاقات الخارجية هو الاستقرار، وأن أي شراكة سياسية أو اقتصادية ستكون على أساس المصالح الوطنية.
وكشفت مقابلة وزير الخارجية السوري عن مؤشرات على تحول عميق في العقيدة السياسية والدبلوماسية للبلاد، إذ بات واضحاً أن دمشق تسعى لترسيخ دولة قائمة على المؤسسات، والانفتاح، والمصالح المشتركة، بعيداً عن خطابات الاصطفاف والحروب بالوكالة.
وأظهرت مقابلة الشيباني أنّ سوريا مقبلة على مرحلة فارقة في تاريخها، وتتطلع إلى المستقبل بثقة، وتدرك حجم التحديات لكنها مصممة على تجاوزها بالعمل، والشراكة، والاعتماد على طاقاتها الوطنية.